للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخل صقليّة فى سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وصنف بها كتاب سلوان المطاع فى عدوان الأتباع [١]. بلغنى عن أبى اليمن زيد بن الحسن الكندىّ أنه قال: أحلت برزق لى على ديوان حماة، فسرت إليها لأجل ذلك، فلما حللتها جمع الجماعة بينى وبين الحجّة، وجرت بيننا مناظرة فى النحو واللغة، فأوردت عليه مسائل فى النحو لم يمش فيها. وكان حاله فى اللغة قريبا، فلما كاد المجلس أن يتقوّض قال الحجّة: الشيخ تاج الدين أخبر منّى بالنحو، وأنا أخبر باللغة منه، فقلت:

الأوّل مسلّم، والثانى ممنوع، وقمنا عن المجلس. وسألت من رآه فقال: كان رجلا دميم الخلقة قصير القامة جدا، لم يكن صبيح الوجه. ورأيت له شرح المقامات [٢] قد صنّفها لأهل المغرب، وقد نقل ألفاظها من نسخة سقيمة، فصحّف وشرح التصحيف، وسمعت أنه كان يعتذر من ذلك إذا قيل له ويقول: هو أمر أحدثه العجلة وبعد الدار.

ولمّا خوطب نور الدين محمود بن زنكى [٣] فى تقرير رزق له يستعين به على إفادة العلم بحماة، اقتضت مكارمه أن يطلق له فى كل شهر سبعين قرطاسا، يكون عليها سبع الدراهم فضّة فى كل شهر. وهذا غاية ما يكون من الخسّة. وأهل حماة


[١] صنفه لبعض القواد بصقلية سنة ٥٥٤، ورتبه على خمس سلوانات: فى التفويض ونتائجه، والتأسى وفوائده، والصبر وعوائده، والرضا وميامنه، والزهد. طبع بمصر فى سنة ١٢٧٨، وطبع فى تونس سنة ١٢٧٩، وفى بيروت سنة ١٣٠٠؛ وترجمه إلى اللغة الايطالية أمارى، وطبع بفلورنسا سنة ١٨٥١ م، ومنها ترجم إلى اللغة الإنجليزية، وطبع بلندن سنة ١٨٥٢ م، ونقله إلى التركية قره خليل زاده، وطبع فى الآستانة سنة ١٢٨٥ هـ. ومنه نسخ خطية متعدّدة بدار الكتب المصرية. وانظر معجم المطبوعات ١٤٩، ودائرة المعارف الإسلامية ١: ٢١٨. وقد نظمه أبو عبد الله بن على السنجارى المتوفى سنة ٧٩٩.
[٢] ذكره صاحب كشف الظنون ص ١٧٨٨، وسماه التنقيب على ما فى المقامات من الغريب.
[٣] تقدّمت ترجمته فى حواشى الجزء الأوّل ص ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>