للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفيدوننا من علمهم مثل ما مضى ... وعقلا وتأديبا ورأيا مسدّدا

بلا فتنة تخشى ولا سوء عشرة ... ولا نتّقى منهم لسانا ولا يدا

فإن قلت هم موتى فلست بكاذب ... وإن قلت أحياء فلست مفندا

وقال ابن الأعرابى: إنما سمى الشّجر شجر الاختلاف أغصانه؛ ومنه اشتجرت الرماح إذا اختلفت بالطّعن، وقد شجر بينهم أمر إذا اختلف؛ قال الله عز وجل:

فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ [١].

وكان رحمه الله يقول: جائز فى كلام العرب أن يعاقبوا الظاء بالضاد؛ فلا يخطئ من جعل هذه فى موضع هذه، وينشد:

إلى الله أشكو من خليل أودّه ... ثلاث خلال كلّها لى غائض

بالضاد، ويقول: هكذا سمعت من فصحاء الأعراب.

وتوفى ابن الأعرابى، رحمه الله سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

ويروى من خط أبى عبد الله بن مقلة [٢]: قال أبو العباس ثعلب: شاهدت مجلس ابن الأعرابىّ- رحمه الله- وكان يحضر زهاء من مائة إنسان، وكان يسأل ويقرأ عليه، فيجيب من غير كتاب. قال: فلزمته تسع عشرة سنة، ما رأيت بيده كتابا قط. ومات بسرّ من رأى وقد جاوز الثمانين.

قال أبو العباس: وقد أملى على الناس أحمالا [٣]، ولم ير أحد فى علم الشعر أغزر منه، وأدرك الناس [٤].


[١] سورة النساء آية ٦٥.
[٢] تقدّمت ترجمته فى حواشى الجزء الأوّل ص ٢٢٩.
[٣] عبارة ابن خلكان: «ولقد أملى على الناس ما يحمل على أجمال».
[٤] تتمه الخبر كما فى ابن خلكان: «ورأى فى مجلسه يوما رجلين يتحادثان؛ فقال لأحدهما:
من أين أنت؟ فقال: من إسبيجاب (مدينة أقصى بلاد المشرق)، وقال للآخر من أين أنت؟ فقال:
من الأندلس، فعجب من ذلك وأنشد:
رفيقان شتى ألف الدهر بيننا ... وقد يلتقى الشتى فيأتلفان

<<  <  ج: ص:  >  >>