للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال على بن أيوب [١]: دخلت يوما على أبى على الفارسىّ النحوىّ فقال: من أين أقبلت؟ قلت: من عند أبى عبيد الله المرزبانىّ. فقال: أبو عبيد الله من محاسن الدنيا.

وكان عضد الدولة فناخسرو بن بويه على كبره وتعظّمه يجتاز بباب أبى عبيد الله فيقف بالباب حتى يخرج إليه أبو عبيد الله، فيسلّم عليه، ويساله عن حاله.

قال ابن أيوب: وسمعت أبا عبيد الله يقول: سوّدت عشرة آلاف ورقة، فصح لى مبيضا منها ثلاثة آلاف ورقة.

وقال: سمعت أبا عبيد الله المرزبانىّ يقول: كان فى دارى خمسون ما بين لحاف ودواج [٢] معدّة لأهل العلم الذين يبيتون عندى. وقيل إن أكثر أهل الأدب الذين روى عنهم سمع منهم فى داره.

وكان- عفا الله عنه- مستهترا، فيشرب الخمر [٣]، فذكر عنه أنه كان يضع بين يديه قنينة حبر وقنينة خمر، فلا يزال يشرب ويكتب. وسأله مرة عضد الدولة عن حاله فقال: كيف حال من هو بين قارورتين! يعنى قارورة الحبر وقارورة الخمر [٣].

وكان أبو عبيد الله معتزليّا، وصنف كتابا فى أخبار المعتزلة كبيرا. وآخذه أهل الحديث بأن أكثر روايته كانت إجازة، ولا يبين فى تصانيفه الإجازة من السماع، بل يقول فى كل ذلك: «أخبرنا». وهذا قريب من الاحتجاج، وقد رأى ذلك جماعة من الرواة.


[١] هو على بن أيوب بن الحسين أبو الحسن القمى، ذكره الخطيب فيمن روى عن المرزبانى.
ولد بشيراز سنة ٣٤٧، ومات ببغداد سنة ٤٣٠، وكان رافضيا. تاريخ بغداد (١١: ٣٥١).
[٢] الدواج: كرّمان وغراب: ضرب من الثياب
[٣] فى ب «النبيذ».

<<  <  ج: ص:  >  >>