للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتوضأ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا غضب أحدكم فليتوضأ" (١). ومنها أن يسجد كما فسَّر به قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليلصق بالأرض" (٢). ومنها أن يستنشق بالماء كما روي أن عمر يوماً غضب فاستنشق وقال: إن الغضب من الشيطان وإن هذا يذهبه. ومنها أن يذكر فضيلة الحلم والعفو وما ورد في الكظم للغيظ من الأجر. ومنها أن يذكر ما يحبه الله من العفو والكظم ففي بعض الكتب: يا ابن آدم اذكرني عند الغضب أذكرك حين أغضب وقد كان السلف يتأدبون بهذه الآداب.

سب رجل الشعبي فقال: إن كنت صادقاً يغفر الله لي، وإن كنت كاذباً يغفر الله لك. وقالت امرأة لمالك بن دينار: يا مرائي فقال: ما عرفني غيرك. وسبَّ رجل أبا بكر فقال: وما ستر الله عنك أكثر.

واعلم أن الغضب منه ما هو محمود بل لا يكمل الإيمان إلا به وهو الغضب الله كالغضب على العصاة وعلى الكفار فلولا الغضب ما كان الجهاد على إمضاء أحكام الله كما قال تعالى في الحدود: {وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ في دِينِ الله} [النور: ٢] وقال تعالى: {أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ} [الفتح: ٢٩].

وسبب الحديث أنه مر - صلى الله عليه وسلم - هو وأصحابه فقالوا: هذه تسمى حجر الأشد أي نقلها من كان أشد القوم فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أشدكم من كان" الحديث. وهو نظير قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الشديد بالصرعة الشديد من يملك نفسه عند الغضب" (وأحلمكم من عفا بعد القدرة) إنما يظهر سلطان الحليم عند القدرة فإن ملك النفس مع


(١) أخرجه أبو داود (٤٧٨٤)، وأحمد (٤/ ٢٢٦)، والطبراني في المعجم الكبير (١٧/ ١٦٧) رقم (٤٤٣) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (١٥١٠) والسلسلة الضعيفة (٥٨٢).
في سنده عروة بن محمد بن عطية السعدي الجشمي وأبيه مجهولان.
قال الحافظ في الأول مقبول أي عند المتابعة (التقريب ٤٥٦٧) وقال الذهبي في الثاني ما روى عنه سوى ولده. انظر المغني (٥٨٢٣).
(٢) وهو جزء من حديث طويل سبق ذكره قبل قليل وأخرجه الترمذي (٢١٩١) وابن ماجه (٤٠٠٠)، وأحمد (٣/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>