للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الشمس: ١٢] فالمراد بالناس هنا ثمود بقرينة المقام وكما دلت له الآية ويحتمل أنه أشقى الناس أجمعين والمراد بالناس الاستغراق والإضافة في الآية للتوضيح لا لكونه المفضل عليه ويرشد إليه عطف قوله (وابن آدم الذي قتل أخاه) فإن قرينة السياق تدل على أنه أريد به العموم بالنسبة فكذا بالنسبة إلى ما قبله [١/ ٣٠٦] إلا أن حديث علي -رضي الله عنه - عند أحمد (١): "أن أشقى الأولين عاقر الناقة وأشقى الآخرين قاتله"، يشعر أنه أريد بالناس الأولون والمراد ما عدا ابن آدم وقاتل علي -رضي الله عنه - أشقى الآخرين ما عدا قاتل الناقة والإضافة في ابن آدم عهدية والمراد به قابيل الذي قص الله شأنه في كتابه وأخوه المقتول هابيل (ما سفك في الأرض) السفك الإراقة والإجراء لكل مائع يقال سفك الدم والماء والدمع وكأنه بالدم أخص قاله في النهاية (٢): (من دم) حرام حذفت الصفة بقرينة السياق كما حذفت في قوله تعالى: {كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: ٧٩] أي صحيحة (إلا لحقه منه) أي من إثم الدم على طريقة الاستخدام فإنه أريد بالدم حقيقة بدليل السفك وأريد بضميره الإثم أو أنه من مجاز الحذف أي كان عليه من إثمه وكلمة من للتبعيض تقضي بأن عليه بعض الإثم إلا أن حديث: "من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها" (٣). يقضي بأنه يلحقه مثل إثم القاتل ولعل الأقرب في الجمع أن يجعل ضميره منه عائداً على وزر القتل مطلقاً لا وزر القاتل إذ للقتل وزر عظيم بعضه للقاتل الأول وبعضه للقاتل الثاني وكل واحد من الوزرين وزر كامل (لأنه أول من سن القتل) أي أول من أبرز هذه المعصية


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٥٧) بلفظ غير هذا اللفظ، والطبراني (٨/ ٣٨) رقم ٧٣١١)، وأبو يعلى (٤٨٥)، والبزار (١٤٢٤)، وقال الهيثمي في المجمع (٩/ ١٨٦): رواه الطبراني وأبو يعلى وفيه رشدين بن سعد وقد وثق وبقية رجاله ثقات.
(٢) النهاية (٢/ ٣٧٦).
(٣) أخرجه مسلم (١٠١٧)، والنسائي في السنن (٥/ ٧٥)، وابن ماجه (٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>