للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مصرحًا به في رواية وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها وهنا بحث وهو أن هذا التكفير والتغطية ص ٣٥١ في هذا الحديث وأمثاله هل للكبائر أو للصغائر أو لهما لا يصح أن يجعل للصغائر لأنه تعالى قد جعلها مكفرة باجتناب الكبائر في قوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: ٣١] الآية. فيتعين أن المراد الكبائر إلا أنه يشكل عليه حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (١): "الجمعة إلى الجمعة كفارة ما بينهما ما لم تغش الكبائر" فأفاد أن المكفر الصغائر مشروطًا تكفيرها بعدم غشيان الكبائر فإن حمل المطلق وهو حديث الغسل على المقيد وهو حديث الجمعة أي صلاتها واستدللنا لذلك بأنه إذا قيد المتوسل إليه وهو الصلاة فتقييد الوسيلة وهو الغسل أولى وصار المعنى: "من اغتسل يوم الجمعة فله كفارة ما اجتنبت الكبائر"، والمكفَّر الصغائر فيبقى مشكلاً لما سلف من قضاء الآية لتكفيرها بنفس الاجتناب وإذا كان كذلك لم تكن هذه الطاعات مكفرة شيئًا ولعله يقال إن الحكم على هذه الطاعات بأنها مكفرة مع التكفير بغيرها وهو الاجتناب إخبار من الشارع بأنه لو لم تكفر الصغائر بالاجتناب لكانت هذه الطاعات مكفرة لها لكنها مكفرة بالاجتناب فيبقى ثواب هذه الطاعات موفرا لفاعلها وذلك كما عبر عن الغسل بأنه مكفر وعن الصلاة بأنها مكفرة مع أنه إذا وقع التكفير بأحدهما بقي الآخر غير مكفر لشيء بل أجره باق لفاعله.

والنكتة في التعبير عن أجر هذه الطاعات بالتكفير ترغيب النفوس إلى فعلها لأن النفس إلى دفع ضرر المعصية أرغب فيها إلى تحصيل المنفعة فإن دفع المفاسد عند العقل أهم من جلب المصالح فأبرز الشارع الخطاب في قالب فيه مزيد ترغيب النفوس إلى فعلها ثم رأيت بعد هذا في "الجواب الشافي" كلامًا


(١) أخرجه ابن ماجة (١٠٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>