(حياتك) هو وما بعده، نصب على الإبدال ورفع على الابتداء (قبل موتك) فأيام الحياة غنيمة فالحياة ثوب مستعار (وصحتك قبل سقمك) فإن كل معافى صائر إلى السقم كما قيل:
لعمر الفتي إن السلامة سلم ... إلى الحين والمغتر بالعيش آمله
فيسلب أثواب الحياة معيرها ... ويقضي غريم الدين من هو ماطله
[١/ ٣٥٢](وفراغك قبل شغلك) فإن كل فراغ يعقبه الإشغال والفراغ والعافية نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس كما ثبت بذلك الحديث، فقد أشار إلى النعمتين التي غبن فيهما الكثير من الناس (وشبابك قبل هرمك) فإن الشباب رمز النشاط وقوة الأعضاء على العبادة فليذكر سرعة زوالها وإنها نومة لا يندم إلا بعد يقظته منها.
كنت في نومه الشباب فما ... استيقظت إلا ولمتي شمطاء
ويذكر أنه يتعقبها ضعف القوي وتخاذل الأعضاء وأنه تعالى سيجعل من بعد قوة ضعفا وشيبة (وغناك قبل فقرك) فإن الأموال طيور طيارة معرضة للحوادث فرب غنى عاد فقرًا كما قيل: رب غن قد عاد فقرًا وكم عافية قد أصبحت عافية وإنما سمى - صلى الله عليه وسلم - الأعمال في هذه الخمس غنيمة لأنها تسير فيها الأعمال الصالحة بلا مشقة ومن كملت له هذه الخمس جميعًا فقد تيسرت له الطاعات وتوفرت الدواعي، وإن حصل البعض فكذلك.
وأما الحياة والصحة فهما شرط لا تتم الطاعات إلا بهما وهذا الحديث إشارة إلى الموانع المختصة بالفاعل وفي معناه حديث أبي هريرة عند الترمذي وغيره وفيه زيادة خصلتين ويأتي في حرف الباء الموحدة، وفي الموانع التي لا تختص بالإنسان حديث عابس الغفاري "بادروا بالأعمال ستًا إمارة السفهاء وكثرة الشرط ومنع الحكم واستخفافًا بالدم وقطيعة الرحم ونشوًا يتخذون