ولم يكن عند حصول المذاكرة لدينا شيء من شروح هذا الجامع التي حلَّت عن ألفاظه ومعانيه كل عقال، فكتبت من ذلك المطلوب شيئًا لنفسي أرجع إليه في بعض الأحوال، ثم يسر الله الوقوف على شرحه الذي قد بلغ الغاية في بسط الأقوال، فالتقطت من درره ما ضممته إلى ما جمعته من المقال؛ لأنفع به نفسي أولاً ومن شاء الله من الناظرين في هذا الكتاب، راجيًا من الله تعالى جزيل الثواب، طالبًا منه العفو عما ليس بصواب.
ولما كان هذا الجامع الصغير كتابًا ليس له في جمعه نظير مشتملاً من الأحاديث النبوية على الجم الغفير، كان حقيقًا بأن يصرف العالم إليه عنان العناية، فإنه لا يستغنى عنه وإن بلغ الغاية، لتقريبه للبحث عن متون الألفاظ النبوية وتسهيله، كما قاله مؤلفه لطلاب الآثار الرسولية، وقد سميت هذا الشرح بـ "التنوير على الجامع الصغير"، سائلاً من الله تعالى أن ينفع به الناظرين وأن يجعل أجره ذخرةً ليوم الدين.
قال المصنف رحمه الله:(بسم الله الرحمن الرحيم الحمد) من الثناء بالجميل على الجميل الاختياري من إنعام كان أو غيره (لله) هو علم للذات الواجب الوجود المستجمع لجميع المحامد (الذي بعث على رأس كل مائة سنة من يُجَدِّدُ لهذه الأمة أمر دينها) البعثة: الإرسال وهي فيمن أرسله من أنبيائه عليهم السلام، وأطلقت على غيرهم كحديث: "إنما بعثتم ميسِّرين، (١) ونحوه،
(١) هذا جزء من حديث أبي هريرة قال: قام أعرابي في المسجد فبال، فتناوله الناس، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعوه وأهريقوا على بوله دلوًا من ماء، فإنما بعثتم ميسِّرين ولم تُبعثوا معسِّرين" أخرجه أحمد (٢/ ٢٨٢)، والبخاري في الصحيح رقم (٢٢٠) و (٦١٢٨) والنسائي (١/ ٤٨)، وأبو داود (٣٨٠) والترمذي (١٤٧)، وابن خزيمة (٢٩٧)، والبيهقي في السنن (٢/ ٤٢٨)، وابن حبان (برقم ١٣٩٩، ١٤٠٠) والبغوي في شرح السنة (٢٩١).