فقولهم في حديث الإسراء: قد بعث الله، أي للإسراء، فلا يقال ما قد كانوا عرفوا أنه رسول الله، حتى يقول لهم جبريل ذلك جوابًا عن سؤالهم (فيقول: بك) يتعلق بقوله (أمرت)، قدّم عليه إفادة للحصر، والباء سببية وكأنها صلة للفعل (أن لا أفتح لأحد قبلك) على الأول هو مفعول الأمر الثاني، نزع عنه الخافض أي بأن لا أفتح، وهو يحذف قياساً مع أن، وعلى الثاني بدل من الكاف أي أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك.
والحديث فيه فضيلة واضحة له صلى الله عليه وسلم لما فيه من تعظيمه، وأنه تعالى قد قدم الأمر إلى الخازن قبل مجيء محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يفتحَ له، ولا يفتح لأحد قبله، وأنه أول من يفتح له، كما أنه أول من تنشق عنه الأرض، كما أنه أول شافع ومشفّع، وجزم الشارح أن الخازن رضوان، فيحتمل أنه لحديث ورد بذلك، ويحتمل: أنه لما كان أعظم الخزنة ومقدمهم لا ينبغي أن يتلقى أعظم الرسل ومقدمهم إلا أعظم الخزنة، وقد ورد في لفظ ولا أقوم لأحد بعدك، ومعلوم أن غيره من الخزنة يقومون يتلقون المؤمنين، ثم لا يخفى لطف افتتاح المصنف بهذا الحديث لهذا الحرف لما فيه من الاستفتاح والفتح (حم م عن أنس)(١) واعلم أن المصنف إذا نسب الحديث للشيخين أو لأحدهما، اكتفى عن الرمز بالتصحيح بالنسبة إلى الصحيح وقد أسلفنا كلامه في ذلك، وإن عزاه إلى غيرهم فالأغلب أنه يرمز للحديث بأحد صفاته وسننبه على ذلك.
٣ - "آخر من يدخل الجنة رجل يقال له "جهينة" فيقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين (خط) في رواة مالك عن ابن عمر".
(آخر) بفتح الهمزة وكسر الخاء ضد الأول، وبفتحها بمعنى المغاير، والمراد هنا الأوَّل (من يدخل الجنة) من أهل التوحيد (رجل يقال له جُهينة) أي