٢٢١٤ - "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل". (ق) عن أبي هريرة (صح).
(إن أمتي) الذين تابعوه (يدعون يوم القيامة غرًا محجلين) تقدم تفسيرهما في حديث: "أمتي يوم القيامة غر من السجود محجلون من الوضوء" فيكون قوله:
(من آثار الوضوء) متعلقًا بمحجلين لما تقدم من أنها أي الغرة من السجود إلا أن هذا الحديث يدل أنهما من الوضوء لقوله فيه: (فمن استطاع منكم أن يطيل غرته) ولا مانع من تعدد الأسباب بمسبب واحد والواو في الوضوء مضمومة أي الفعل وجوز ابن دقيق العيد فتحها على إرادة الماء (فمن استطاع منكم أن يطيل غرته) بإدخال بعض الرأس في الغسل (فليفعل) أي فليطل الغرة والتحجيل بأن يجاوز المرفقين والكعبين واقتصر على أحد الأمرين لدلالته على الآخر مثل {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}[النحل: ٨١] أي والبرد واقتصر على الغرة وهي مؤنث وأثرها على التحجيل وهو مذكر لأن محلها أشرف أعضاء الوضوء وأول ما يقع عليه النظر.
وقال ابن بطال (١): كنى أبو هريرة بالغرة عن التحجيل؛ لأنّه الوجه لا سبيل إلى الزيادة في غسله ورد عليه بأنه يستلزم قلب اللغة وما نفاه ممنوع لأن الإطالة ممكنة في الوجه بالغسل إلى صفحة العنق مثلًا وبإدخال جزء من الرأس وقد اختلف في قدر التحجيل فقيل إلى المنكب والركبة، وقد ثبت عن أبي هريرة رواية وفعلًا وعن ابن عمر من فعله، وقيل: إلى نصف العضد والساق وقيل إلى فوق ذلك، وقالت المالكية: لا يستحب ذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فقد أساء وظلم" وقد دفع هذا بأن رواية مسلم صريحة في الاستحباب فلا تعارض بالاحتمال ودعوى اتفاق العلماء على خلاف مذهب أبي هريرة مدفوع بما نقلناه عن ابن عمر، وقد