للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأتى بكلمة التنبيه به إيقاظاً للسامع واستدعاءاً لإصغاء سمعه فقال: (ألا وإياكم ومحدثات الأمور) منصوبة لأنه تحديث عنها، والناصب لها وللضمير محذوف، وهي جمع محدثة، وهي كل أمر لم يكن على عهد - صلى الله عليه وسلم - ولا دلت عليه سنته كما تقدم. (فإن شر الأمور) أي عند الله (محدثاتها وكل محدثة بدعة) قد علم أنه حذر عن البدع فأبان هنا أن المحدثات هي البدع (وكل بدعة ضلالة فكل محدثة ضلالة ألا لا يطولن عليكم الأمد) أي لا تستبطؤا مدة بقائكم في الدنيا وتأخر ما وعدتم به من أشراط الساعة فتكونوا كبني إسرائيل الذين استطالوا الأمد والإمهال فقست قلوبهم (فتقسوا قلوبكم) نصبه لتقدم النهي على الفاء، وهو يحتمل أنه نهي والإسناد مجاز عقلي، ويحتمل أنه نفي وإخبار بأنه إذا طال عليهم الأمد فلا تقسوا قلوبهم، والأول أظهر ثم أخبر أنه لا طول فيه بقوله: (ألا إن كل ما هو آت قريب) ولقاء الله آت فهو قريب فلا طول للأمد (وإنما البعيد) حصر حقيقي (ما ليس بآت) وهو كل ما لم يقتضي (ألا أن الشقي من شقى في بطن أمه) أي الشقي حقيقة المحكوم له بالنار من علم الله شقاوته قبل خروجه إلى دار الدنيا (والسعيد من وعظ بغيره) أي من كان معتبراً بحال غيره ولم يكن معتبراً به لأنه من اعتبر بحال غيره استيقظ من غفلته. (ألا إن قتال المؤمن كفر) أي آيل بصاحبه إلى الكفر (وسبابه فسوق) أي خروج عن طاعة الله تعالى (ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه) في الإِسلام (فوق ثلاث) ليال أي قاصداً لذلك إذا لقيه لم يرد عليه السلام كما بينه غيره (ألا وإياكم والكذب) الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه (فإن الكذب لا يصلح لا بالجد ولا بالهزل) أي لا ينبغي بالجد ولا بهزل وقد خصص صوراً جيز فيها الكذب (ولا يعد) من الوعد (الرجل صبيه لا يفي له) أي لا يعده بعدة كاذبة وإذا كان لصبيه فالأولى غيره فقد قال الله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: ٣]. (وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>