عرف عظمته تعالى وعلو شأنه حقرت نفسه عليه ولم ير لها حقا فما جزاء المتكبر على الكبرياء إلا نسيانه عظمة خالقه في ذلك إعلام بأنه لا يتكبر إلا من لم يعرف مولاه ومن هنا كان الكبر أقبح الذنوب. (بئس العبد عبد تجبر) بالجيم وتشديد الموحدة وهو القهر أي قهر العباد. (واعتدى) عليهم بظلمه إياهم. (ونسي الجبار) الذي قهر عباده على ما أراد من أمر ونهي وقيل هو العالي فوق خلقه. (الأعلى) أي الذي له العلو الحقيقي وفي الإتيان بالصفتين ما في الأول من الإعلام بأنه لا يتجبر ويتعدى إلا من نسي من له الجبروت والعلو. (بئس العبد عبد سها) أي عما أمره الله به فلم يأت به وعن ما نهاه عنه فلم يجتنبه. (ولهى) عن الله بدنياه وشهواته. (ونسي) ما إليه ينتهي من (المقابر والبلى) فإنه لا يسهو عما يجب عليه ويلهو بما لديه إلا من لم يذكر ما يؤل حاله إليه (بئس العبد عبد عتا) من العتو وهو التجبر والتكبر وقد عتا يعتو فهو عاتٍ. (وطغى) من الطغيان وهو مجاوزة الحد في الشر. (ونسي المبتدى) أي ابتداء خلقته وأنه من ماء مهين فإنه لا يعتو من ذكر مبدأ خلقه وطول لبثه في الرحم وطفوليته. (والمنتهي) أي ما ينتهي إليه حاله من حلول اللحود وسيلان القيح من محاسنه وأنه مأكله الدود مع عقاب وحساب فلو عقل الحال الذي هو فيه لعلم أنه أقل من لا شيء أوله من ظلمات الأرحام وآخره في الظلمات تحت الرحام. (بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين) يختل بالخاء المعجمة ومثناة فوقية مكسورة من ختل الذئب الصيد إذا تخفا وختل الصائد الصيد إذا مشى قليلاً قليلاً لئلا يحس به أي يطلب الدنيا بعمل الآخرة بخداع شبه فعل من يرى ورعًا دينًا ليتوصل به إلى المطالب الدنيوية يختل الذئب والصائد أي أنه عبد جعل دينه خياله للدنيا ومثله (بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات) أي يتخذ الشبهات شبكة يتصدى بها الدين وإذا لاح الأمر الديني أثر التسمية عليه زاعماً أنها من الدين خداعاً