الفظاعة بحيث لا يحتملها السمع أو لا تهتم بهم ولا تسأل عنهم فهم أحقر من أن تعتني بشأنهم وتشتغل بالسؤال عنهم، أو لا تسأل الشفاعة فيهم فإنهم هالكون أولهم:(رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصياً) أي فارق عمن اجتمع عليه الناس ولا أتى أمراً يوجب فراقه من ظلم وعصيان لله وتعد لحدوده فإنه لا يجوز من أحد الخروج عليه فإن المراد فارقه مفارقة تضره وتضر المسلمين ولذا قال فارق الجماعة وعصى إمامه فأنه لو عصى إمامه وبقى في جماعته غير متعد بصره أحداً لم يدخل في الوعيد، وأخص الناس لهذه الصفة الخوارج المارقون فإنهم كانوا بهذه الصفة وماتوا عاصين غير تائبين. (وأمة أو عبد أبق من سيده فمات) لعل تقديم الأمة إشعارا بأن إباقها أشد قبحا وأعظم عند الله إثما ولذلك خصصها بتقديم الذكر وإلا فإن غالب الأحاديث يذكر فيها العبد والأمة تبع له كما تكرر ذكر الرجل والمرأة متابعة له كما تقدم الكلام في صدره وتقدم الكلام في الإباق. (وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا) أي ما تحتاجه فيما يقوم بمؤنتها [٢/ ٣٦٤] ولا مفهوم لهذا القيد لأنها منهية عن التبرج للرجال مطلقا وإنما هو لبيان كمال قبح ما أتت به وأنه لا معذرة لها فإن أسباب العفة غير مفقودة لديها نظير ذم الشيخ الزاني. (فتبرجت) أي تعرضت لهم والتبرج التبختر في المشي المنهي عنها في قوله تعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}[الأحزاب: ٣٣] وقوله: (فلا تسأل عنهم) تأكيد للأول وهو نهي فيهما معا مجزوم. (خد ع طب ك هب)(١) عن فضالة بن عبيد) قال الحاكم: على شرطهما ولا أعلم له علة وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجاله ثقات.
(١) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٥٩٠)، وأبو يعلى (٧٢٠٣)، والطبراني في الكبير (١٨/ ٣٠٦) (٧٨٨)، والحاكم (١/ ٢٠٦)، والبيهقي في الشعب (٧٧٩٧)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (١/ ١٠٥)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٣٠٥٨)، والصحيحة (٥٤٢).