للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الملائكة عليهم السلام جاءه صلى الله عليه وسلم (فخيَّرني) أي ربي على لسان الآتي، أو الآتي عن ربي أي جعل الخيرة إليَّ (بين أن يدخل نصف أمتي الجنة) المراد من الذين يستحقون العذاب، إذ الذين لا يستحقونه داخلون الجنة، وسكت عن النصف الثاني، والظاهر أنهم يعذبون ولا شفاعة لهم، ويحتمل: أنهم موكولون إلى رحمة الله, وعفوه، وإنما سيق الحديث لإفادة تخييره صلى الله عليه وسلم أن يدخل الله الجنة نصف أمته، أو لا تبقى له شفاعة (وبين الشفاعة) والشفاعة: هي سؤال التجاوز عن الذنوب والجرائم قاله في النهاية (١) (فاخترت الشفاعة) دليل أنها أوسع في شمولها من النصف، وأنها تشمل أمة الإجابة أجمعين، كما دل له قوله (وهي لمن مات لا يشرك بالله شيئًا) فإنه عام لكل أمة الإجابة، ولفظه شامل لمن مات مصرًا على الكبائر مستوجبًا للنار، ولمن تساوت حسناته وسيئاته فلم يستوجب أحد الدارين، وشامل لمن لم يستحق في الجنة رفع درجاته, ولمن أدخل النار بذنوبه، وشفع في التحقيق عنه فإنه يصدق على الكل إنه مات غير مشرك بالله، وأدلة ثبوت الشفاعة لهذه الأنواع ثابتة واسعة، ويأتي منها الكثير الطيب في هذا الكتاب، وإن كان ظاهر الحديث إنما هو في الإنقاذ من النار، إلا أن اللفظ عام والمعنى يحتمله.

وأما حديث شفاعتي (٢) لأهل الكبائر من أمتي، فإنه نص في بعض أفراد هذا العام، ولا يبطل العام، وإنما فيه بيان أنهم أحق الناس بشفاعته، وكذلك حديث: فإن شفاعتي للهالكين (٣) من أمتي، سيأتي، واعلم أن هذه الشفاعة التي خيَّر صلى الله عليه وسلم


(١) النهاية (٢/ ٤٨٥).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٧٣٩) والترمذي (٢٤٣٥)، من روايات أنس وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٣٦٩/ ٢٣) (٨٧٢)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد=

<<  <  ج: ص:  >  >>