(حبب) بصيغة المجهول لم يصرح بالفاعل للعلم به وتشريفا للفظ الذات المقدسة عن إسناد تحبيب الدنيا إليها صريحاً لحقارتها عنده فقال ولم يقل أحب تحقيرا لأمر الدنيا وما فيها من النساء والطيب [٢/ ٣٩٣] وقوله: (إلي من دنياكم) هذا هو اللفظ الوارد ومن زاد كالزمخشري والبيضاوي ومن تبعهما لفظ "ثلاث" قاله الحافظ العراقي في أماليه لفظ: ثلاث ليس في شيء من كتب الحديث وهي تفسد المعنى ومثله قال الزركشي وقال الحافظ ابن حجر في تخريج الكشاف: لم يقع في شيء من طرقه وهي تفسد المعنى إذ لم يذكر بعدها إلا الطيب والنساء انتهى. وأضاف الدنيا إلى المخاطبين إعلاما بأنه - صلى الله عليه وسلم - أجل من أن تنسب إليه وأن يضيفها إلى ذاته الشريفة وقوله:(النساء) نائب حبب وتقدم ما خصه الله سبحانه به من القوة في النكاح ووسع له من التعدد فيهن وأنه كمال في كماله في بحث أتاني جبريل .. في الهمزة. (والطيب) لأنه محبوب لله تعالى ولملائكته ولهذا حث: على تطييب المساجد لأنها بيوته ومحل ملائكته ونهى من أكل من الشجرة الخبيثة عن دخولها وبدأ بالنساء لاهتمام سر الأحكام وتكثير سواد الإسلام وأردفه بالطيب لأنه أعظم الدواعي لجماعهن المؤدي إلى تكثير التناسل في الإسلام مع حسنه للذات وكون محببها لله تعالى ولملائكته وأفرد الصلاة بقوله: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) عما عبر به عنهما بحسب المعنى إذ ليس فيها يقاضي شهوة نفسانية كما فيهما فأضافها إلى الدنيا من حيث أنها ظرف للوقوع فيها وقرة عينه فيها لما فيها من مناجاته لمولاه ولذا خصها من بين أركان الدين وعبّر عنها بأبلغ مما عبر به في الأولتين لأنها من أمر الدين بل أصله وهما من أمر الدنيا فاقتصر في أمر الدنيا على مجرد التحبيب، وقال في أمر الدين: جعلت قرة عيني في الصلاة فإن في قرة العين من التعظيم ما لا يخفى.