مقتضى الآية أن من زنى حبس في بيته حتى يموت وبه قال ابن عباس في النساء وابن عمر فيهما فكان هو حد الزنا؛ لأنه يحصل به الإيلام والعقوبة بأن يمنع من التصرف والنكاح حتى يموت فذلك حده، غير أن ذلك الحكم كان ممدودا إلى غاية وهي أن يبين الله تعالى لهن سبيلاً غير الحبس فلما بلغ وقت بيانه المعلوم عند الله تعالى بينه لرسوله - صلى الله عليه وسلم - فبلغه لأصحابه بقوله:"خذوا عني" وعَدّ أخذ بعن والأصل تعديته بمن لأنه ضمّن ما معنى الصدور عنه أو الرواية أي خذوه صادراً عني أو ارووه مأخوذاً عني. (قد جعل الله لهن) أبي للنساء الزواني من باب (حتى توارت بالحجاب)، ولأنه قد علم في الآية في قوله:{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ}[النساء: ١٥] أنه التحدث عنه والضمير لهن. (سبيلاً) أي طريقاً يخلصن به من الحبس في البيوت. (البكر بالبكر) جملة استئنافية لبيان السبيل والبكر في الأصل من لم توطئ من الرجال والنساء فأريد هنا من لم تتزوج كذا في المجرد وفي الكلام حذف لظهور قرينته أي البكر إذا زنا بالبكر عليه: (جلد مائة) أو إن زنا البكر بالبكر فيه جلد مائة أو حكمه أو نحو ذلك أي جلد مائة جلدة لكل واحد من البكرين فأجمل الكلام؛ لأنها قد أوضحت الآية:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢]. (ونفي سنة) أي عن البلد التي وقع فيها الزنا ومن نفى النفي فله دليل لا يقاوم هذا الحديث كما عرف في الفروع ومن خصصه في الرجال دون النساء لا دليل له على التخصيص ناهض. (والثيب بالثيب) هو كما سلف في تعزيره في نظيره، والثيب في الأصل من تزوج ودخل من ذكر أو أنثى وأريد به هنا المحصن. (جلد مائة والرجم) إلى أن يموت وبظاهره أخذت الظاهرية فأوجبت الجمع بين الجلد والرجم وخالف غيرهم وقال "إنه - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزا ولم يجلده فدل على نسخه.