للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١١٥ - " اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن (حم ت ك هب) عن أبي ذر (ح) (حم ت هب) عن معاذ ابن عساكر عن أنس".

(اتق الله حيثما كنت) في أي مكان نزلت وأي جهة حللت، فلا يخص بالتقوى مكانًا دون مكان؛ لأنك بمرأى منه تعالى، ولأن الأماكن بالنسبة إلى علمه بعملك سوى (وأتبع السيئة الحسنة تمحها) تمح إثمها، وتذهب أثره، وهو مشتق من قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] (وخالق الناس بخلق حسن) هو ملكة نفسانية تسهّل على المتصف بها الإتيان بالأفعال الجميلة والآداب المرضية، فتصير ذلك كالخلقة في صاحبه، فيدخل فيه التحرر من البخل والشح والكذب وغير ذلك من الصفات المذمومة، ويدخل فيه التحبب إلى الناس بالقول والفعل، والبذل وطلاقة الوجه مع الأقارب والأجانب، والتساهل في الأمور، والتسامح وما يلزم من الحقوق، وترك التقاطع والتهاجر، واحتمال الأذى مع الأعلى والأدنى، مع طلاقة الوجه وإدامة البشر.

فهذه الخصال تجمع محاسن الخلق ومكارم الأفعال، ولقد كان جميع ذلك وأضعافه من أخلاقه - صلى الله عليه وسلم -، وبه وصفه الله بأنه على خلق عظيم، وجَمَع من قال:

طلاقة الوجه وكفُّ الأذى ... وبذلك المعروف حسن الخلق

هذه أمهات مكارم الأخلاق، وفي عطفه على التقوى ما يشعرك بعلو شأن الخلق الحسن وفي قوله: الناس، إعلام بأنه يحسن خلقه مع كل مؤمن وكافر قال الله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: ٨٣] (حم ت ك هب عن أبي (١) ذر)


(١) أخرجه أحمد (٥/ ١٥٣)، والترمذي (١٩٨٧) وقال: حسن صحيح، والحاكم (١/ ٥٤) وقال: صحيح على الشيخين، والبيهقي في الشعب (٨٠٢٦) عن أبي ذر، وأحمد (٥/ ٢٣٦)، والترمذي (١٩٨٧)، والبيهقي في الشعب (٨٠٢٥)، وكذا الطبراني في الكبير (٢٠/ ١٤٥٩ رقم (٢٩٧). عن=

<<  <  ج: ص:  >  >>