للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والحكم شامل للقميص والعباءة ونحوهما، إلا أنه قد قيد الحديث بقوله (فإن إسبال الإزار من المخيلة) فإن حمل على أنه العلة المظنة حرم مطلقًا، وإن أريد بها المس لم يحرم، إلا لمن حصلت له المخيلة، وهو ظاهر حديث أبي بكر حيث قال: يا رسول الله! إن إزاري يسترخي أو نحوه فقال رسول الله: "إنك لست ممن يفعل ذلك مخيلة" (١) أو نحو هذا اللفظ، والمخيلة: بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة هي الكبر، أي الإسبال من دلائلها وذرائعها وقررنا في "رسالة الإسبال" تحريم ذلك لكل حال، لما أقمناه من الأدلة التي ليس فيها مقال (ولا يحبها الله) بل يبغضها كما يدل له أحاديث أخرى (وإن امرؤٌ) مرفوع على أنه فاعل فعل محذوف وجوبًا أي إن شتمك امرؤ (شتمك) هو الذم (وعيرك) من العار بالمهملة وهو كل شيء لزم به عيب، وعيره الأمر ولا يقال بالأمر كما في القاموس (٢)، فعليه قوله (بأمرٍ) يتعلق بشتم على رأي الكوفيين (هو فيك) أنت متصف به، ويفهم منه أنه إذا لم يكن فيه أنه ينتصر لنفسه، وتبين أنه ليس فيه، ويحتمل إنه يدعه أيضًا بالأولى؛ لأنّ الوبال على الشاتم فيه أكثر لأنه بهت وكذب (فلا تعيّره) شاتمًا له بأمر (هو فيه) نهي للتنزيه وإلا فهو جائز بدليل {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيهمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: ٤١] وقوله (ودعه يكون وباله) إثم الشتم والتعيير (عليه، وأجره لك) يدل لذلك، وإلا لعلَّله بأنه إثم (ولا تسبن أحدًا) نهي للتحريم مؤكد بالنون، وأدلته واسعه، وفيه أن المنتصف لا


= والطبراني في مسند الشاميين (٤/ ٥١ رقم ٢٧٠٤)، والأوسط (٤١٢). قال الألباني: صحيح. انظر: صحيح الجامع الصغير رقم (٩١٩). وصحيح الترغيب رقم (٢٠٣١).
(١) أخرجه البخاري (٥٤٤٧) وأبو داود (٤٠٨٥) والنسائي (٨/ ٢٠٨)، وأحمد (٢/ ١٣٦)، وابن حبان (٥٤٤٤)، والطبراني في المعجم الكبير (١٢/ ٣٠١) رقم (١٣١٧).
(٢) القاموس المحيط (ص ٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>