١٣٧ - " اتقوا القدر، فإنه شعبة من النصرانية، ابن أبي عاصم (طب عد) عن ابن عباس"(ض).
(اتقوا القَدَر) بفتح المهملة والقاف، في النهاية (١): قد تكرر ذكر القدر في الحديث، وهو عبارة عما قضاه الله، وحكم به من الأمور، وهو مصدر قَدَر يقدر قدرًا، وقد سكّن داله (فإنه شعبة) بضم المعجمة الطائفة من كل شيء، والقطعة منه (من النصرانية) من دينها الذي أمرت الأمة باجتنابه والإيمان به، وفي أحاديث النهي هذا، واعلم أنها قد طفحت الأحاديث في الإيمان بالقدر والنهي عن الخوض فيه، وسيأتي من الأمرين شطر واسع في الكتاب، وكأنه تعالى أعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتشعب الناس فيه، فأكد النهي عنه، ولقد خاضوا في القدر وركبوا فيه كل صعب وذلول وخبطوا خبط عشواء، وضللت كل طائفة من خالفها، قالت المعتزلة: لم يقدر تعالى الأشياء توهما منهم أن التقدير يقتضي الجبر، وعدم الاختيار، وهو وهم فاحش، فإنه ليس فيه شيء من ذلك وما هو إلا كسبق العلم وكان يلزمهم نفي سبق العلم؛ لأن التقدير نوع منه، وقالت الأشاعرة: بل قدر الله الأشياء كلها ثم جاءوا بالطامة الكبرى وهي نفيهم الاختيار، بناء على أن التقدير ينافي الاختيار ثم تفرع من ذلك ترامي الفريقين الأحاديث الواردة في ذم القدرية، فالمعتزلة تقول القدرية القائلون بالقدر، فالذم يتوجه إليهم، والأشعرية يقولون القدري من نفى القدر، وكلا الطائفتين غالط على نفسه، وعلى خصمه، والحق ما قاله غيرهما من المحققين وهو: أن كل حادث فله عند الله تعالى ثلاثة أمور: علمه تعالى المحيط بكل كائن أنه واقع قبل وقوعه، ثم تنزيله لكل جزئي على ما سيوقعه الفاعل المختار، فالإيقاع مع تفصيل العلم بالجزئيات، هو المسمى بالتقدير، ثم إنه تعالى قد كتب على كل جزء على أي