للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويأتي الكلام على أمثال هذه العبارات (أنها) أي الدنيا (لأسحر) في النهاية (١): السحر في كلامهم صرف الشيء عن وجهه، وفي الكشاف، علم السحر مزاولة النفوس الخبيثة لأقوال وأفعال ترتب عليها أمور خارقة للعادة، وقد قدمنا عن القرافي في تحقيق أنواع السحر، والمراد أن الدنيا أشد أسحر به (من هاروت وماروت) وهما الملكان المذكور في القرآن شأنهما، وذلك لأن حبها والتهالك عليها، والشغف بها يصير الإنسان يتصرف في تحصيلها على كل وجه من التصرف، ويخرج الأمور على غير وجهها كما يفعله الساحر ليتم له مراده، والمراد أن حب الدنيا يعلّمه أنواع التحيل لجلبها وتحصيلها أشد مما يعلمه الملكان، والإسناد إليها مجازًا، فهو تحذير عن الدنيا لئلا تعلمه السحر، ويحتمل أن المعني أنها تسحر الناس ويخرجهم عن الوجه الذي خلقوا له من عبادة الله والقيام بواجبه، بما تزينه لأهلها من زخارفها وشهواتها، والأول يرجحه التفضيل على الملكين فإنهما يعلمان كما قال الله، لا يسحران إلا أن يقال: من علم السحر فقد سحر (الحكيم عن عبد الله بن بسر) (٢) بضم الموحدة فمهملة وعبد الله وأبوه صحابيان، وعبد الله آخر من مات من الصحابة بالشام (المازني) نسبة إلى مازن قبيلة معروفة (٣) وإسناد الحديث ضعيف، والمصنف رمز لصحته.

١٤٥ - " اتقوا بيتاً يقال له "الحمام" فمن دخله فليستتر (طب ك هب) عن ابن عباس" (صح).

(اتقوا) احذروا (بيتًا) أي تدخلوه بدليل قوله: فمن دخله (يقال له الحمام) وذلك لأنه محل كشف العورات، ورفع الأصوات، وهو نهي تنزيه بدليل قوله (فمن دخله فليستتر) وجوبًا، وفيه الإذن بدخول الحمام، وإيجاب ستر العورة،


(١) النهاية (٢/ ٣٤٦).
(٢) أخرجه الحكيم الترمذي (ص ١٣٠)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (١١٥).
(٣) الإصابة (٤/ ٢٣)، وأسد الغابة (١/ ٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>