للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أحدهم هل تزول مشاركة الشيطان لهم في الطعام بتسميته وحده؟ أو لا تزول إلا بتسمية الجميع؟ فنصَّ الشَّافعيُّ رحمه الله على إجزاء تسمية الواحد وجعله أصحابه كتشميت العاطس ورد السَّلام وقد يقال: لا ترتفع مشاركة الشيطان للآكل إلا بتسمية الآكل نفسه ولا يكفيه تسمية غيره ولهذا جاء في حديث حذيفة: إنا حضرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءت جارية كأنها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدها، ثمَّ جاء أعرابيٌّ فأخذ يده، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه وأنه جاء بهذه الجارية ليستحلَّ بها فأخذتُ بيدها فجاء بهذا الأعرابي ليستحلَّ به فأخذتُ بيده فوالذي نفسي بيده إن يده لفي يدي مع يديهما" (١)، ثمَّ ذكر اسم الله فأكل، فلو كانت تسمية الواحد تكفي لما وضع الشَّيطان يده في ذلك الطَّعام، وقد يُجاب عن هذا، بأنَّه لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد سمَّى بعد، ولكن الجارية ابتدأت بالوضع من غير تسمية وكذلك الأعرابي فشاركهما الشيطان فمن أين لكم أنَّ الشيطان شارك من لم يسمِّ بعد تسمية غيره، فهذا مما يمكن أن يقال، لكن قد روى الترمذي (٢) وصحَّحه من حديث عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل الطَّعام في ستة من أصحابه فجاء أعرابي فأكله بلقمتين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنه لو سمى لكفاكم"، ومن المعلوم أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأولئك الستة سموا فلمَّا جاء هذا الأعرابي فأكل ولم يسمِّ شاركه الشَّيطان في أكله فأكل الطَّعام بلقمتين ولو سمَّى لكفى الجميع. اهـ

قلت: قوله في حديث حذيفة: ثم ذكر اسم الله وأكل، يدل أنَّه - صلى الله عليه وسلم - اكتفى بتسميته ولم يأمر الأعرابي ولا الجارية أن يسميا دليل على ما قاله الشافعي إلا أنه


(١) أخرجه مسلم (٢٠١٧) وأبو داود (٣٦٦٦) وأحمد (٥/ ٣٨٢، ٣٩٧)، والبيهقي في شعب الإيمان (٥/ ٧٤ رقم ٥٨٣٠).
(٢) أخرجه الترمذي (١٨٥٨) وكذلك أبو داود (٣٧١٧)، وابن ماجه (٣٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>