للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٦٩ - " اجتنب الغضب (ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الغضب، وابن عساكر عن رجل من الصحابة".

(اجتنب الغضب) سببه أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، علِّمني كلماتٍ أعيش بهنَّ ولا تكثر عليَّ فذكره، والغضب محركه ضد الرضا قاله في القاموس (١)، وفي النهاية (٢): قد تكرَّر ذكر الغضب في الحديث من الله ومن الناس، أما غضب الله فهو إنكاره على من عصاه وسخطه عليه وإعراضه عنه ومعاقبته له، وأما من المخلوق فمنه محمودٌ ومذمومٌ، فالمحمود ما كان في جانب الدين، والحق والمذموم ما كان خلافه. اشهى.

قلت: والمراد هنا المذموم، ثمَّ لا يخفى أنَّ الغضب أمرٌ وجدانيٌّ عند وجود سببه لا يمكن دفعه والأمر موجه إلى اجتناب أسبابه التي تثيره حتَّى لا يقع، أو إلى اجتناب ما يتفرَّع عنه بعد وقوعه وإلى استعمال ما يذهبه وتأتي أحاديث في أدويته، منها: الاستعاذة، ومنها: التحول من الحالة التي هو عليها إلى ضدها، ومنها: الوضوء، ويأتي ذلك وتحقيقه في حرف العين المهملة -إن شاء الله تعالى- وقد كثر التحذير من الغضب، قال جعفر بن محمَّد: الغضب مفتاح كلِّ شرٍّ، وقال الحسن: يا ابن آدم، كلَّما عصيت وثبت توشك أن تثب وثبة إلى النار (ابن أبي الدنيا في كتاب الغضب وابن عساكر (٣) عن رجل من الصحابة) لا يقال هو مجهول العين، فكيف يروى عنه لأنَّا نقول: لا تضر جهالة العين لما تقرَّر عند المحدثين من أنَّ الصَّحابة كلُّهم عدولٌ، فجهالة العين غير ضارة؛ لعدم جهالة الصفة وما يذكر العين إلا لأجل الصفة.


(١) القاموس (ص ١٥٤).
(٢) النهاية (٤/ ٣٧٠).
(٣) أخرجه أحمد (٥/ ٤٠٨) وابن عساكر (٦٤/ ٤٦)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (١٤٣)، والسلسلة الصحيحة (٨٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>