للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَنْ لهم عليه ولاية، يسمونه أدباً وتأديباً، ويصرفونه في حاجاتهم وأقواتهم .. فإنا لله وإنا إليه راجعون .. ومنهم من يضيع حد السرقة أو شرب المسكر، ويقبض عليه مالاً، ومتهم من يجمع بينهما، فيقيم الحد ويقبض المال، وكل ذلك محرم ضرورة دينية، لكنه شاب عليه الكبير، وشب عليه الصغير، وترك العلماء النكير، فزاد الشر في الأمر الخطير" (١).

وقد استمر التنازع على الإمارة ونشوب نار الفتنة، وهو السمة البارزة في عصر الصنعاني، حتى ختم عصره بالإمام المهدي لدين الله: العباس الذي سار في رعيته سيرة الأئمة المهديين العدول، حتى عدّت دولته من محاسن اليمن، بل الزمن، يقول الشوكاني في وصفه: "وكان إمامًا فطناً، ذكياً عادلاً، قوي التدبير، عالي الهمة، منقاداً إلى الخير، مائلاً إلى أهل العلم، محباً للعدل، منصفاً للمظلوم، مطلعاً على أحوال رعيته ... " (٢).

وقد كان للصنعاني تأثير كبير وبارز في أحداث عصره ومجرياته، وقد قام الصنعاني بالصلح بين الخليفة المتوكل والمولى محمَّد بن إسحاق، وقد حصل التوفيق بينهما وخمدت -بسعي الصنعاني- نار الفتنة (٣).

وتوجد -أيضاً- مواقف بارزة ومضيئة للصنعاني منها:

١ - لما زيّن للإمام المهدي العباس، بعض وزرائه شراء أموال الوقف التي بوادي شعوب، شمالي صنعاء بالمعاوضة، وهذا يعني إخراجها من الوقفية إلى الملكية، وهو تبديل لحكم الله تعالى ورسوله؛ لأن مال الوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث، أرسل الصنعاني خطاباً مطولاً إلى الخليفة المهدي المذكور في ذي الحجة من سنة ١١٨٠هـ، بدأه ببيان بعض محاسن اليمن في عهده، ثم


(١) انظر: سبل السلام (٢/ ٢٥٦) رقم (٥٦٥)، وقد قال مثله الشوكاني في البدر الطالع (٢/ ٩٨).
(٢) البدر الطالع (١/ ٣١٠ - ٣١١) (ت: ٢٢٠).
(٣) وألف الصنعاني رسالة بديعة في ذلك وهي: "تنبيه ذوي الفطنة على السعي لإطفاء نار الفتنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>