للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وإن لكل ملك حمى وإن حِمى الله في الأرض مَحَارِمُه (حم طب) عن النعمان بن بشير (صح) ".

(اجعلوا بينكم وبين الحرام سترًا من الحلال) الستر ما يستتر به، أي اجعلوا اتخاذ ما أحله الله لكم من الطيبات سترًا لكم عمَّا حرَّمه، فأعدوا من النساء الزوجات ومن الإماء ما يستركم من الزنا، ومن المكاسب الحلال ما يستركم من الحرام ويقرب منه حديث: "إذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأتِ أهله فإن معها مثل الذي معها" سيأتي (١) ويحتمل: أنَّ المرادَ أنكم تجتنبوا الحرام وبعدوا عنه أنفسكم حتى كان بينكم وبينه سترًا يمنع عن ملابسته والاتصال به والدنو منه والأوَّل أقرب وهذا بآخر الحديث أنسب أعني قوله (من فعل ذلك استبرأ لعرضه ودينه) هو من استبرأ ذكره استبقاه من البول وفي التعبير بهذه العبارة إشارة إلى أنَّ المعاصي والحرام كالبول في قذارته والنهي عنه وأضراره بالأديان والأبدان (ومن ارتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى) يفال: رتع وارتع ورتعت الماشية أكلت ما شاءت، قال الزمخشري (٢): ومن المجاز رتع القوم أكلوا ما شاءوا في رغد وخصب، والحمى بكسر المهملة من حميت المكان فهو محمي إذا جعلته حمى وهذا شيء حمي أي محضور لا يقرب (يوشك) بزنة يسرع ومعناه (أن يقع فيه) يؤخذ منه تحريم ذرائع الحرام (أن لكل ملك) من ملوك الدنيا (حمى) قيلت: كان الشريف من العرب إذا نزل أرضًا حية استعوى كلبًا فحمى مَدَّ عوى الكتب لا يشركه فيه غيره (٣) فشبه - صلى الله عليه وسلم - ما حماه الله تعالى بذلك الحمى الذي يمنع فيه كل أحد (وأن حمى الله في الأرض محارمه) أي ما حرَّمه فإنه


(١) برقم (٦٢٠).
(٢) الفائق (٢/ ١٢).
(٣) النهاية (١/ ٤٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>