للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يظهر عليه كالاستدعاء من العباد أن يصلوه ولذا قال: ذل في نفسه لا عند العباد وعلة ذلته علمه بعيوب نفسه [٣/ ٤٦] وكثرة ذنوبه (وأنفق من مال جمعه في غير معصية) متعلق بأنفق ويحتمل يجمعه فإنه لا بد من الأمرين من كونه مجموعا من خلاله ومنفق في طاعة، (وخالط أهل الفقه والحكمة) فاهتدى بهديهم وأشرقت عليه أنوار معارفهم، وفيه الحث على مجالسة من كان كذلك. (ورحم أهل الذل والمسكنة) فإنه لا يرحم الناس من عباد الله إلا الرحماء الذين يرحمهم الرحمن، ولقد مدح - صلى الله عليه وسلم - من تواضع للخلق وكان عند نفسه ذليلاً وأنفق من حلاله في طاعة وخالط من يقتدي به ورحم من فرض الله رحمته وذلك؛ لأنه قد اتصف بكل صفة شريفة باطناً وظاهراً.

(طوبى لمن ذل نفسه) أي رأى لها ذلها وعجزها وعيوبها فلم يتكبر أو ذل لها في امتثال أوامر الله ونواهيه، (وطاب كسبه) عطفه عليه لإبانة أنه مع إذلاله نفسه كسب الطيب من الحلال ولم يجعل إذلاله نفسه مسكنة يستدعي بها من العباد نوالهم. (وحسنت سريرته) أي ما يسره من الاعتقادات والخواطر والإرادات. (وكرمت علانيته) ما يعلنه للعباد ويظهره، (وعزل عن الناس شره) فلم يؤذهم بيد ولا لسان فإن: "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده" (١)، (طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله) الزائد على نفقته ونفقة من يلزمه إنفاقه، (وأمسك الفضل من قوله) أي الزائد على قدر حاجته وترك الكلام فيما لا يعنيه، قال بعض العارفين: من شغل بنفسه شغل عن الناس، ومن شغل بربه شغل عن نفسه. (تخ) والبغوي، والباوردي، وابن قانع (طب هق) (٢) عن ركب) بفتح


(١) أخرجه البخاري (١٠) و (٦١١٩)، ومسلم (٤١).
(٢) أخرجه البخاري في التاريخ (١١٤٨)، والطبراني في الكبير (٥/ ٧١) (٤٦١٥)، والبيهقي في السنن (٤/ ١٨٢)، وفي الشعب (٣٣٨٨)، والقضاعي في مسند الشهاب (٦١٥)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (٣٦٤٢)، والضعيفة (٣٨٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>