وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: وقال: - صلى الله عليه وسلم - في حديث عمار: تقتل عمار الفئة الباغية. فقتله معاوية وأصحابه في موقعة صفين، فمعاوية وأصحابه بغاة، لكن مجتهدون ظنوا أنهم مصيبون في المطالبة بدم عثمان. فتاوى ومقالات متنوعة (٦/ ٨٧). موقف أهل السنة والجماعة من الحرب التي وقعت بين الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - وهو الإمساك عما شجر بينهم إلا فيما يليق بهم - رضي الله عنهم - لما يسببه الخوض في ذلك من توليد العداوة والحقد والبغض لأحد الطرفين وقالوا: إنه يجب على كل مسلم أن يحب الجميع ويترضى عنهم ويترحم عليهم ويحفظ لهم فضائلهم، ويعترف لهم بسوابقهم، وينشر مناقبهم وأن الذي حصل بينهم إنما كان عن اجتهاد والجميع مثابون في حالتي الصواب والخطأ، غير أن ثواب المصيب ضعف ثواب المخطيء في اجتهاده وأن القاتل والمقتول من الصحابة في الجنة، ثم الحسن بن علي قد تنازل عن الخلافة لمعاوية وبايعه ... والذي لا يُشك فيه أنها فتنة خاض فيها أناس مبشرون بالجنة ورجال لا يمكن أن يكونوا في النار، ولهذا لم يجوز أهل السنة والجماعة الخوض فيما شجر بينهم. قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: ٩]. ففي هذه الآية أمر الله تعالى بالإصلاح بين المؤمنين إذا ما جرى بينهم قتال لأنهم إخوة وهذا الاقتتال لا يخرجهم عن وصف الإيمان وإذا كان حصل اقتتال بين عموم المؤمنين ولم يخرجهم ذلك من الإيمان لأن الله ذكر في الآية التي بعدها {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}، فأصحاب الرسول الله الذين اقتتلوا في موقعة الجمل وبعدها أول من يدخل في اسم الإيمان الذي ذكر في هذه الآية فهم لا يزالون عند ربهم مؤمنين إيمان حقيقيًّا ولم يؤثر ما حصل بينهم من شجار في إيمانهم بحال لأنه كان عن اجتهاد ونظر: العواصم من القواصم صـ ١٦٩ - و ١٧٠ أحكام القرآن (٤/ ١٧١٧). وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق أخرجه مسلم (٢/ ٧٤٥). والفرقة المشار إليها في الحديث ما كان من الاختلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما وقد وصف - صلى الله عليه وسلم - الطائفتين معًا بأنهما مسلمتان وأنهما متعلقتان بالحق، والحديث علم من أعلام النبوة: إذ وقع الأمر طبق ما أخبر به عليه الصلاة والسلام، وفيه الحكم بإسلام الطائفتين: أهل الشام وأهل العراق، لا كما يزعمه فرقة الرافضة، والجهلة الطغام من تكفيرهم أهل الشام، وفيه أن أصحاب علي أدنى الطائفتين إلى الحق وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة والذي عليه الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن عليًّا هو المصيب وأن كان معاوية مجتهدًا وهو مأجور إن شاء الله ولكن علي هو الإِمام فله أجران كما ثبت في صحيح البخاري: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجره. انظر: =