للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إذا وقع الذباب في شراب أحدكم) أو طعامه (فليغمسه) ندباً والأصل الوجوب والعلة تدل عليه (ثم لينزعه) بعد غمسه (فإن في إحدى جناحيه داء) أي سمية).

وقوله: (وفي الأخرى شفاء) وزيد في هذا الحديث عند ابن حبان وأبي داود (١) بلفظ: فإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء، وفي رواية أبي سعيد (٢) عند أحمد والحاكم والنسائي وأنه يقدم السم ويؤخر الشفاء قال ابن القيم (٣): حاصله فيه أمران: فقهي وطبي، فأما الفقهي: فهو دليل ظاهر الدلالة جداً على أن الذباب إذا مات في ماء أو مائع فإنه لا ينجسه وهو قول جمهور العلماء ولا يعرف في السلف مخالف فيه ووجه الاستدلال أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بمقله وهو غمسه في الطعام ومعلوم أنه يموت من ذلك ولا سيما إذ كان الطعام حاراً فلو كان ينجسه لكان أمراً بإفساد الطعام وهو - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بإصلاحه.

والأمر الثاني الطبي: أفاده أن في الذباب سمية قوية ويدل عليها الورم والحكة الصادرة عن لسعته وهو بمنزلة السلاح فإذا سقط فيما يؤذى به اتقى بسلاحه فأمر - صلى الله عليه وسلم - أن يقابل تلك السمية بما أودعه الله سبحانه في جانبه الآخر من الشفاء فيغمس كله في الماء والطعام فيقابل مادته السمية مادته النافعة فيزول ضررها وهذا طب لا يهتدي إليه كبار الأطباء وأئمتهم بل هو خارج من مشكاة النبوة، وفيه دلالة على أن للذباب إدراكاً يهتدي به إلى تقديم ما فيه الداء.

قلت: ودلالة على أنه يعلم الجناح الذي فيه ذلك إلا أنه ذكر بعضهم أنه تأمله يتقي بالأيسر فالشفاء في الأيمن كما ذكره في المواهب اللدنية عن غيره ثم قال وللذي فيه من مادة الشفاء قال غير واحد من الأطباء أن لسعة الزنبور والعقرب


(١) أخرجه ابن حبان (١٢٤٦) وأبو داود (٣٨٤٤).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٦٧) وابن ماجه (٣٥٠٤).
(٣) زاد المعاد (٤/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>