للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بالنص فقد ورد أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما نظر يومًا إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة منك (١). وهو حديث حسن (٢).

وقد صح إسلام يزيد بن معاوية وما صح قتله الحسين ولا أمر به ولا رضيه ولا كان حاضرا حين قُتِل، ولا يصح ذلك منه ولا يجوز أن يظن ذلك به، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام وقد قال الله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات/ ١٢].

ومن زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين أو رضي به، فينبغي أن يعلم أن به غاية الحمق، فإن من كان من الأكابر والوزراء، والسلاطين في عصره لو أراد أن يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله ومن الذي رضي به ومن الذي كرهه لم يقدر على ذلك، وإن كان الذي قد قتل في جواره وزمانه وهو يشاهده، فكيف لو كان في بلد بعيد، وزمن قديم قد انقضى، فكيف نعلم ذلك فيما انقضى عليه قريب من أربعمائة سنة في مكان بعيد، وقد تطرق التعصب في الواقعة فكثرت فيها الأحاديث من الجوانب فهذا الأمر لا تعلم حقيقته أصلاً، وإذا لم يعرف وجب إحسان الظن بكل مسلم يمكن إحسان الظن به.

ومع هذا فلو ثبت على مسلم أنه قتل مسلما فمذهب أهل الحق أنه ليس بكافر، والقتل ليس بكفر، بل هو معصية، وإذا مات القاتل فربما مات بعد التوبة والكافر لو تاب من كفره لم تجز لعنته فكيف بمؤمن تاب عن قتل .. ولم يعرف أن قاتل الحسين مات قبل التوبة وقد قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ


=
وأحمد (٤/ ٤٢٩ و ٤٣١) من طريق أبي المهلب عنه. وانظر: جمع الفوائد (٣/ ٣٥٣).
(١) أخرجه ابن ماجه (٢/ ١٢٩٧، رقم ٣٩٣٢).
(٢) انظر: غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام للشيخ الألباني (ص ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>