للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى: ٢٥].

فإذن لا يجوز لعن أحد ممن مات من المسلمين بعينه لم يرد به النص، ومن لعنه كان فاسقًا عاصيًا لله تعالى. ولو جاز لعنه فسكت لم يكن عاصيًا بالإجماع، بل لو لم يلعن إبليس طول عمره مع جواز اللعن عليه لا يقال له يوم القيامة: لم لم تلعن إبليس؟ ويقال للاعن: لم لعنت ومن أين عرفت أنه مطرود ملعون، والملعون هو المبعد من الله تعالى وذلك من علوم الغيب، وأما الترحم عليه فجائز، بل مستحب، بل هو داخل في قولنا: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإنه كان مؤمنا والله أعلم بالصواب أ. هـ (١).

وقد سئل ابن الصلاح عن يزيد فقال: لم يصح عندنا أنه أمر بقتل الحسين - رضي الله عنه - والمحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي إلى قتله إنما هو عبيد الله بن زياد والي العراق إذ ذاك، وأما سب يزيد ولعنه فليس ذلك من شأن المؤمنين، وإن صح أنه قتله أو أمر بقتله، وقد ورد في الحديث المحفوظ: "إن لعن المؤمن كقتاله" (٢)، وقاتل الحسين لا يكفر بذلك، وإنما ارتكب إثما، وإنما يكفر بالقتل قاتل نبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

والناس في يزيد على ثلاث فرق، فرقة تحبه وتتولاه، وفرقة تسبه وتلعنه وفرقة متوسطة في ذلك، لا تتولاه ولا تلعنه وتسلك به سبيل سائر ملوك الإِسلام وخلفائهم غير الراشدين في ذلك وشبهه، وهذه هي التي أصابت الحق مذهبها هو اللائق لمن يعرف سِيَرَ الماضين ويعلم قواعد الشريعة الظاهرة (٣).

وسئل شيخ الإِسلام عن يزيد أيضاً فقال: افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثلاث فرق طرفان ووسط، فأحد الطرفين قالوا: إنه كان كافرا منافقا،


(١) قيد الشريد من أخبار يزيد (ص ٥٧ - ٥٩).
(٢) البخاري مع الفتح (١٠/ ٤٧٩).
(٣) قيد الشريد (ص ٥٩ - ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>