للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أقامه من دلائل توحيده وعدله وحكمته وقدرته (كل الناس يغدو) وهو من الغدو بالمعجمة وهو سير أول النهار ويريد هنا مطلق السير في أي وقت، فإن الناس كلهم في سفر إلى الآخرة (فبائع نفسها فمعتقها) ثم قسمهم قسمين فمنهم من باع نفسه من الله تعالى بأن جعل تصرفه كله على وفق ما أمره الله به فأعتقها من عذابه وغضبه أو بائع نفسه من شهواته بحظوظ دنياه فهذا بائع نفسه (موبقها) مهلكها.

واعلم أن هذا الحديث الجليل اشتمل على عبادات الأبدان الفعلية والقولية والمالية وعلى أعمال القلب وأشار إلى كل شيء من ذلك بالإتيان بأشرف أفراده فأشار إلى عبادة الأبدان الفعلية بالوضوء وإلى القولية بالذكر وإلى الجمع بينهما بالصلاة وإلى أعظم الواجبات المالية بالزكاة وإلى أشرف أعمال القلب بالصبر وإلى أعظم حجة الله على عباده بالقرآن فتأمله ما أشرفه وما أجمعه لأنواع الخير (حم ن ٥ حب عن أبي مالك الأشعري) (١) رمز المصنف لصحته.

٩٦١ - "استاكوا، وتنظفوا، وأوتروا؛ فإن الله - عز وجل - وتر يحب الوتر (ش طس) عن سليمان بن صرد (ح) ".

(استاكوا وتنظفوا وأوتروا) أمر بإيتار ما ذكر من الاستياك والتنظف ويحتمل أنه أمر بصلاة الوتر وهو أن يصلى مثنى مثنى ثم يصلى في آخره ركعة مفردة أو يضيفها إلى ما قبلها من الركعات قاله ابن الأثير (٢) (فإن الله - عز وجل - وتر يحب الوتر) في النهاية (٣) الوتر [١/ ٢٧١] بكسر واوه الفرد وتفتح والله واحد في ذاته لا ينتقل ولا يقبل الانقسام واحد في صفاته لا شبيه له ولا مثل، واحد في أفعاله بلا معين


(١) أخرجه مسلم (٢٢٣)، وأحمد (٥/ ٣٤٢)، والنسائي (٥/ ٥)، وابن ماجه (٢٨٠)، وابن حبان (٨٤٤).
(٢) النهاية (٥/ ٣١٩).
(٣) النهاية (٥/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>