على ذاته من الوضاءة في الوجه والنور في القلب والبصيرة فيهتدي إلى كل خير ويلتهي [١/ ٢٧٠] عن كل فحشاء ويحتمل أنها نور له في الآخرة يهديه طريق النجاة في الصراط ومواقف القيامة كما يشير إليه قوله تعالى: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}[الحديد: ١٢] الآية وأحاديث إعطاء المؤمن النور يوم القيامة على قدر إيمانه تشهد لذلك أو المراد أنها نور له في الدارين ثم المراد الفريضة والمراد منها ما أتم فاعلها أركانها وأذكارها وهي التي تقول له حفظك الله لا التي تلف ويضرب بها وجهه (والزكاة برهان) في النهاية (١) بلفظ: "الصدقة برهان" وفسر البرهان بالحجة والدليل في أنها حجة لطالب الأجر من أجل أنها فرض يجازي الله به وعليه انتهى.
قلت: ويحتمل أن المراد أن إخراجها دليل على إيمان صاحبها فإنه لا يسمح بها إلا من وقر إيمانه وقام عليه برهان ولذا قال تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ} [فصلت: ٦، ٧] خصها من بين الواجبات لشدة الحامل على عدم إخراجها وهو حب المال (والصبر ضياء) الصبر حبس النفس عن فعل ما يقبح وعلى فعل ما يحسن فمن التزمه فهو ضياء له في تروكه وأفعاله والضياء أقوى من النور بحكم الوضع ولذا نسب الضياء إلى الشمس والنور إلى القمر {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا}[يونس: ٥] ولما كان الصبر لا بد منه في فعل كل طاعة وترك كل معصية سمي بأقوى الاسمين لا أنه أقوى من كل طاعة في الإثارة والهداية إلى الطاعات فعلا وإلى المعاصي تركا (والقرآن حجة لك) إن فعلت به (أو عليك) إن خالفته ويحتمل أن المراد حجة لك تحتج بها على الخصوم لما أودع الله فيه من الأدلة على المطالب العلية وتحتج به على نفسك وتردها بدلائله عما ترغب إليه من مخالفته أو حجة عليك احتج بها الله بما