للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خير وشر وهي رسله وطلائع خيره ولذا سماه القائل: رائدة للقلب.

وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا ... لقلبك يوما أتعبتك المناظر

ولذا كان مسئولًا عما يقول الإنسان كما قال الله تعالى: {وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٦] وإليه نسب الله العقل {فَتكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: ٤٦] وفي الحقيقة هو الإنسان ولذا قيل:

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم (١)

[١/ ٢٧٣] واللسان في الحقيقة مغرفته وعنه يعبر ولذا قيل:

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا

فالقلب جملة الإنسان وحفظه حفظ الدين وإضاعته إضاعته فمن حفظه صونه عن الاعتقادات الباطلة والأماني الكاذبة والأفكار الفاسدة وغسله عن أدران الكبر والحسد والغل وحب الدنيا وعن كل ما يخالف أمر الشارع والمحل محل بسط ولعله يأتي مفرقاً ويدخل فيما حوى البطن الفرج بمثل ما دخلت به الحواس في الرأس لأنه لو لم يدخل لفات من التوصية حفظة وهو من أهم ما وصى الشارع في حفظه {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من يضمن لي ما بين فكيه وما بين رجليه" (٢) الحديث وغيره، وحفظ البطن يشمل حفظه عن الحرام والشبهات أكلا وشربا وعن امتلائه من الحلال بحيث يقويه على الطاعات (وليذكر الموت والبلى) بكسر الموحدة من بلى الثوب يبلى بَلا وبِلاء وقد كثر في الحديث التوصية بذكر الموت وبين - صلى الله عليه وسلم - فائدة ذكره بأنه يوسع على العبد صوغته ويضيق على الموسع سعيه وأنه يمحص


(١) من شعر عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (العصر الأموى) ت (١٢٩هـ).
(٢) أخرجه البخاري (٦١٠٩) بلفظ: "من يضمن لي ما بين لحييه ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>