للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشر بلوته وأبلوه بلاء والمعروف إن الابتلاء يكون في الخير والشر معاً ومنه قوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: ٣٥] (الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل) أي الأشرف فالأشرف والأعلى فالأعلى في الرتبة والمنزلة يقال هذا أمثل من هذا أي أفضل وأدني إلى الخير وأماثل الناس خيارهم (يبتلي الرجل) والمرأة (على حسب) قدر (دينه) وهذه جملة استئنافية بيان للأشدية وفصَّلها بقوله (فإن كان في دينه صلباً) بضم الصاد والمهملة من الصلابة الشدة (اشتد بلاؤه) زيادة له في الأجر في دار الخلود (وإن كان في دينه رقة) خلاف الصلابة وهما من صفات الأجسام إلا أنهما استعيرا للمعاني (ابتلي على قدر دينه) وقد أفيد هذا التفصيل أنه أريد بالناس المؤمنون لأنهم الذين يتصفون بالدين صلابة ورقة (فما يبرح) هو كالسبحة والتفريع على ما قبله (البلاء بالعبد) أي المؤمن (حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) من كبيرة ولا صغيرة هذا ظاهره وإن كان الجماهير قالوا: إن الكبائر لا تكفر إلا بالتوبة وإذا قد عرفت أن الابتلاء يكون بالخير والشر فالابتلاء هنا يحتمل أن المراد بالشر فقط من الألم والفقر كما يرشد إليه حديث أبي سعيد الآتي وقد كان أحدهم يبتلي بالفقر ... الخ.

ويحتمل أن المراد الأعم من الخير والشر كما قال نبي الله سليمان - عليه السلام -: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَيي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} [النمل: ٤٠] ويدخل سليمان في عموم الأنبياء، إن قيل: في الناس من هو أشد بلاء من الأنبياء؟ قيل: لا يبلغ أحد مبلغ الأنبياء في الابتلاء فإنهم قلدوا أمراً عظيماً من التلقي عن الله والتبليغ إلى العباد والصبر على آذاهم لهم من التكذيب والسخرية ونسبة الجنون والسحر إليهم والتوعد بهم بالرجم والإخراج وغير ذلك. إن قلت: ما الحكمة في اختصاص الله سبحانه للأمثل فالأمثل بالابتلاء.

قلت: أما الأنبياء فلزيادة الدرجات واليتامى بهم أتباعهم وأما الأمثل من

<<  <  ج: ص:  >  >>