فلا عداهم من الرّحمن رحمته ... فهي الرّجاء الذي قدّمت قدّامي
وكم رجوت إلهي وهو أرحم لي ... وقلّ عند رجائي قبح آثامي
فطال عمرك يا مولاي في دعةً ... ودام سعدك في عزٍّ وإنعام
ولا خلت مصر يوماً من سناك بها ... ولا نأى نورك الضّاحي عن الشّام
وأنشدني العلامة أبو حيان قال: أنشدنا لنفسه ابن تمام:
وقالوا: تقول الشّعر قلت أُجيده ... وأنظمه كالدّرّ راقت عقوده
وأبتكر المعنى البديع بصنعةٍ ... يحلّى بها عطف الكلام وجيده
ويحلو إذا كرّرت بيت قصيدةٍ ... وفي كلّ بيتٍ منه يزها قصيده
ولكنّني ما شمت بارق ديمةٍ ... ولا عارضٍ فيه ندى أستفيده
فحسبي إلهٌ لا عدمت نواله ... وكلّ نوالٍ يبتديه يعيده
وأنشدني أيضا قال: أنشدني لنفسه:
وقالوا صبا بعد المشيب تعلّلاً ... وفي الشّيب ما ينهى عن اللهو والصّبا
نعم قه صبا لمّا رأى الظّبي آنساً ... يميل كغصن البان يعطفه الصّبا
أدار التفاتاً عاطل الجسيد حالياً ... وفي لحظه معنىً به الصبّ قد صبا
ومزّق أثواب الدّجا وهو طالعٌ ... وأطلع بدراً بالجمال تحجّبا
جرى حبّه في كلّ قلبٍ كأنّما ... تصوّر من أرواحنا وتركّبا
وأنشدني، قال: أنشدنا لنفسه:
أُكاتبكم وأعلم أنّ قلبي ... يذوب إذا ذكرتكم حريقا
وأجفاني تسحّ الدّمع سيلاً ... به أمسيت في دمعي غريقا
أُشاهد من محاسنكم محيّاً ... يكاد البدر يشبهه شقيقا