فكرهت أن أجعل نفسي غرضاً لمن يأخذ علي، غير أني جمعت منسكاً للحج أفردت فيه أنواع الجنايات، ومع كل نوع ما يجب من الجزاء على من وقع فيه؛ ليكون أسهل في الكشف ومعرفته، وكان ذلك بسؤال امرأة صالحة لا أعلم في زماننا أعبد منها، وانتفع بحسن القصد فيه وبركتها خلق كثير. وأما ما سمحت به القريحة الجامدة والفكرة الخامدة، فمن ذلك ما كتبت به إلى عماد الدين بن مزهر، وقد كان يجتمع معنا في ليالي الشتاء عند بعض الأصحاب، فلما مات عمه تزوج جاريته، وانقطع عنا، فقلت:
إن يكن خصك الزمان بخود ... ذات قد لدن وخد أسيل
فلقد فزت بالسعادة والرحب وفارقتنا بوجه جميل
قلت: هو مأخوذ من قول ابن الخيمي:
لو رأى وجه حبيبي عاذلي ... لتفارقنا على وجه جميل
وقال: وقلت متذكراً لزيارة الكعبة وزيارة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام:
يا ربة الستر هل لي نحو مغناك ... من عودة أجتلي فيها محياك
أم هل سبيل إلى لقياك ثانية ... لمغرم ما مناه غير لقياك