فضل عنانه. قد أطرقتهما حماك لتحكم بنيهما بالحق السوي وتنصف بين الضعيف والقوي: أما السيف فإنه يقول: أنا الذي لصفحتي الغرر، ولحدي الغرار، وتحت ظلالي في سبيل الله الجنة، وفي إطلالي على الأعداء النار، ولي البروق التي هي للأبصار والبصائر خاطفه، وطالما لمعت فسحت سحب النصر واكفه، ولي الجفون التي ما لها غير نصر الله من بصر، وكم أغفت فمر بها طيف من الظفر، وكم بكت علي الأجفان لما تعوضت عنها الأعناق غموداً، وكم جابت الأماني بيضاً والمنايا سوداً، وكم ألحقت راساً بقدم، وكم رعيت في خصيب نبته اللمم، وكم جاء النصر الأبيض لما أسلت النجيع الأحمر، وكم اجتني ثمر التأييد من ورق حديدي الأخضر، وكم من آية ظفر تلوتها لما صليت وانقد لهيب فكري فأصليت فوصفي هو لذاتي المشهور، وفضلي هو المأثور، فهل يتطاول الرمح إلى مفاخرتي وأنا لجوهر وهو العرض، وهو الذي يعتاض عنه بالسهام وما عني عوض، وإن كان ذاك ذا أسنة، فأنا أتقلد كالمنة، كم حملته يد فكانت حمالة الحطب، وكم فارس كسبه بحملاته فما أغنى عنه ما كسب، حدث ليس من جنسه، ونفعه ليس من شأن نفسه، وأين سمر الرماح من بيض الصفاح، وأين ذو الثعالب من الذي تحمى به أسود الضرائب. وهل أنت إلا طويل بلا بركة، وعامل كم عزلتك النبال بزائد حركة؟!