وقلت أنا أيضاً أرثيه:
إنّ ابنَ تيميّةَ لمّا قضى ... ضاق بأهلِ العِلمِ رَحبُ الفضا
فأيُّ بدرِ قد محاه الرَّدى ... وأيُّ بحرٍ في الثرى غُيضا
وأيّ شرِّ فتحت عينهُ ... وأيُّ خيرٍ طرفُه غُمّضا
يا وَخشَةَ السُّنَّةِ من بَعدِه ... فرَبعُها المعمورُ قد قُوِّضا
كم مَجلسٍ كان هشيماً من ال ... علم فلمّا جاءه رُوّضا
وكلُّ حَفلٍ أفقُهُ مُظَّلِمٌ ... تَراه إن وافى إليه أضا
ومُشكِلٌ لمّا دَجى ليلُه ... أعادَه يومَ هُدى أبيضا
تراه إن برهن أقواله ... فقلَّ أن تُدحَرَ أو تُدحَضا
وبحُه في مَددٍ طافحٍ ... وخصمُه في وقتِه انقضا
يودُّ لو أبلعَهُ ريقه ... وهنو بالحقِّ قد أجرضا
أغصَّه حتى غدا مُطرقاً ... مِن ندمٍ كفّيه قد عضّضا
ما كان إلا أسداً حادِراً ... أضحى له غابُ النُّهى مَربَضا
وهو يرى العِلمَ في بُردِه ... وخَصمُه قد ضمّ جَمرَ الغضا
سُبحان من سخَّر قَلبَ الورى ... لقوله طوعاً وقد قيضا
قد أجمعَ النّاسُ على حُبِّه ... ولا اعتبارَ بالذي أبغضا
كان سليمَ الصَّدرِ قد سلّم ال ... أمرَ لباريه وقد فوّضا
كم حثّ للخير وكم ذي كرى ... أيقظ من نومٍ وكم حرّضا
وأمرض الإلحادَ لمّا جلى ال ... حقّ وقلبُ الزِّيغِ قد أرمضا