للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعطي الأفرم الرحبة، والزردكاش بهسنى، وقراسنقر البيرة، والسلطان يقول: بل الصبيبة، وعجلون، والصلت. فهموا بالمقام مع العرب، وعملوا على هذا، وتهيؤوا لإزاحة العذر فيه، فلما طالت المدة ضاقت أعطانهم وأعطان مماليكهم أكثر؛ لأنه ما يلائم العرب صحبة الأتراك وقشف البادية وخشونة عيشها، وشرعوا في الهرب فخاف قراسنقر من الوحدة، فقال لمهنا في هذا، فقال: أنا كنت أريد الحديث معك في هذا، ولكن خشيت أن تظن بي أنني استثقلت بكم، لا والله، ولكن أنتم ما تضمكم إلا الحاضرة والمدن، وهذا قد تخبث لكم، وأنتم قد تخبثتم له، وما بقي إلا ملك الشرق - يعني خربندا - وهو كما أسمع ملك كريم محسن إلى من يجيئه ويقصده، فدعوني أكتب إليه بسببكم. فوافقوه على هذا، فكتب لهم، فعاد جواب خربندا بأن يجهزهم إليه ويعدهم بالإحسان، فتوجهوا إليه، فوجدوا منه ما أنساهم مصيبتهم، وسلاهم عن بلادهم، وكان وصولهم إلى ماردين في أواخر شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وسبع مئة، فتلقاهم صاحبها، وحمل إليهم بأمر خربندا ستين ألف درهم وفي كل يوم مئة مكوك شعيراً وخمسين رأساً من الغنم، وأقاموا عنده في بستان مدة تسعة أيام، وتوجهوا إلى خربندا.

قال القاضي شهاب الدين بن فضل الله: حكى لي شيخنا شمس الدين محمود الأصفهاني قال: لما جاؤوا أمر السلطان خربندا للوزير أن يبصر كم كان لكل واحد منهم من مبلغ الإقطاع ليعطيهم نظيره، فأعطاهم على هذا الحكم، فأعطى قراسنقر مراغة، وأعطى الأفرم همذان، وأعطى الزردكاش نهاوند، وتفقدهم بالإنعامات حتى غمرهم.

وقال: لقد كنت حاضراً يوم وصولهم، واختبرهم في الحديث، وقال عن قراسنقر: هذا أرجحهم عقلاً؛ لأنه قال لكل واحد منهم: أيش تريد، فقال شيئاً،

<<  <  ج: ص:  >  >>