فقال قراسنقر: ما أريد إلا امرأة كبيرة القدر أتزوجها، فقال: هذا كلام من يعرفنا أنه ما جاء إلا مستوطناً عندنا، وأنه ما بقي له عودة إلى بلاده، فعظم عنده بهذا، وأجلسه فوق الأفرم، وسنى له العطايا أكثر منه، وزوجه ابنه قطلوشاه، وسماه آقسنقر؛ لأن المغل يكرهون السواد، ويتشاءمون به.
قال القاضي شهاب الدين: وكان خربندا وابنه بوسعيد يحضران قراسنقر في الألطاع والأرغو معهما دون الأفرم، وهما من مواضع المشورة والحكم. وامتد عمر قراسنقر بعد الأفرم، ووقع الفداوية عليه مرات ولم يقدر الله - تعالى - أنهم ينالون منه شيئاً، وما قدروا عليه إلا مرة وهو بباب الكرباس منزل القان، فإنهم وثبوا عليه وهو بين أمراء المغل، فخدش في ساقه خدشاً، وتكاثر مماليكه والمغل على الواقع فقطعوه، ولم يتأثر قراسنقر لذلك. انتهى.
قلت: يقال: إن الذي هلك بسببه من الفداوية ثمانون رجلاً. حكى لي مجد الدين السلامي الخواجا قال: كنا يوم عيد بالأردو، وجوبان وولده دمشق خواجا إلى جانبه، وقراسنقر جالس إلى جانبه وهو قاعد فوق أطراف قماش دمشق خواجا، فوقع الفداوي عليه، فرأى دمشق خواجا السكين في الهواء وهي نازلة، فقام هارباً، فبسبب قيامه لما قام مسرعاً تعلق بقماشه تحت قراسنقر، فدفع قراسنقر ليخلص، فخرج قراسنقر من موضعه، وراحت الضربة في الهواء ضائعة، ووقع مماليك قراسنقر على الفداوي فقطعوه قطعاً، والتفت إلي قراسنقر وقال: هذا كله منك، وما كان هذا الفداوي إلا عندك مخبوءاً؛ وأخذ في هذا وأمثاله، ونهض إلى القان بوسعيد وشكا إليه، ودخلت أنا وجوبان خلفه، فقال للسلطان بوسعيد: يا خوند،