صلى الظهر بالناس يوم الاثنين، وجاء إليه المؤقت فقال له: إن بعض المؤذنين ما يلازم التأذين، فأحضره وأنكر عليه، وحصل له منه غيظ، دخل بعد ذلك إلى بيته ونام فجأة على فراشه. وكذلك توفي والده رحمه الله تعالى - فجأة بصفد أيضاً، وقد تقدم ذكره في حرف الحاء مكانه.
وكان الخطيب كمال الدين يكتب خطاً حسناً وهو من بيت بلاغة وكتابة، وبيني وبينه مكاتبات ومراجعات، ذكرت أكثرها في كتابي " ألحان السواجع بين البادي والمراجع "، وكنت أود ما يوده، وأختار ما يختاره من مسكنه دمشق - رحمه الله تعالى - وما اتفق له ذلك.
وكان قد كتب هو إلي من صفد في أواخر سنة أربع وخمسين وسبع مئة:
سلام كنشر المسك يسري ويعبق ... على معهد كالبدر يعلو فيشرق
ومشهد أنس حله من أحبتي ... موال لهم في شاهد المجد مشرق
وسادات عز قيدوا القلب في الهوى ... على حبهم والدمع في الخد أطلقوا
يذكرنيهم كل شيء يروقني ... فلي بهم مع كل حسن تعلق
ويذكي فؤادي هجرهم وبعادهم ... ولي نحوهم في كل حين تشوق
يردده سار ينم به الشذا ... ويخبر عن جار من الدمع يسبق
ويتلو على سمع التعطف منهم ... حديثي عسى يوماً يرق ويشفق
ويرفع حالاً نكرت وصف لمتى ... بعطف ابتداء لي على الود ينسق