بعثت كمال الدين نحوي مشرفاً ... عقود لآليه لجيدي تطوق
تنزهت منه في رياض بلاغة ... بها أدب أنهاره تتدفق
كأن قوافيه كؤوس يديرها ... على السمع مني البابلي المعتق
قوى في قوافيه التي قد تمكنت ... يخور لها عند البيان الخورنق
به ألفات كالغصون تقومت ... من الهمز يعلوها الحمام المطوق
ولا عين إلا مثل عين مريضة ... يهيم بها في الناس من يتعشق
ولا ميم إلا مبسم من رضابه ... رضاب يحاكيه المدام المروق
وأين البها أعني زهيراً فلو رأى ... أزاهر هذا كان في الحال يطرق
وذلك شعر ليس للناس مثله ... ولكن ذا أندى وأحلى وأرشق
وذاك قريض قد سما للسما وذا ... على أذن الجوزاء قرط معلق
وذاك إمام في البلاغة شامل ... وهذا موشى بالبديع موشق
فأذكرتني عهد الصبا بقدومه ... وذلك عهد الصبا معرق
إذا ذكرت نفسي زماناً قطعته ... وغصن الصبا ريان باللهو مورق
تصوب على خدب سحائب أدمع ... فلولا زفيري كنت بالدمع أغرق
ولو كان لي صبر لقيت به الأسى ... ولكن ثوب الصبر عني ممزق
فيازمني بالغت في عكس مقصدي ... فما لي بالحرمان أرزى وأرزق
فلا وطني يدنو ولا وطري أرى ... ومن دون ما أبغيه هام تفلق
أمولاي مدت بيننا حجب النوى ... وما رفعت والعمر من ذاك أضيق
فإن كان مولانا صفد صفت ... فإنك قد جلت بقربك جلق