ذات بهجة، وفداه لما رآه بسواد العين وسُويداء المهجة، وتحقّق أن أبا ذر حديثه أصدق لهجة، فلم يرتب فيما ادّعاه من المحبة، وقال لا شُبهة في وداد ابن قاضي شهبة:
قلبي لديك أظنّهُ ... يُملي عليك وتكتب
فكتب هو الجواب عن ذلك:
ساق الحمامُ الى لقائك نائحاً ... صبّ تذكّر نازحاً أوطانَه
ودعا وقد بلّ الندى أذياله ... صُبحاً، ورصفت الصّبا أفنانه
وشكا كما أشكو الحمام وإنما ... لم يُجْرِ مثلي بالبكا أجفانه
لكنْ أعان على الجوى وأخو الهوى ... إن عاين العاني الكئيب أعانه
ومع الإعانة أذكر العيش الذي ... ما زلت أفدي بالحياة زمانه
حتى إذا حسر الصباحُ قناعه ... وجد النهار سوره وأبانه
غنى وصفّق طائراً بقوادم ... تدنيه إن أنأتْ نوىً جيرانه
فبكيت محزوناً، وقلت تعلُّلاً ... ليت الحمام أتم لي إحسانه
يقبّل الأرض وينهي ورود الجواب الجريم عما كان تهجّم الملوك من العبودية، والأبيات التي بان بتلك المراجعة قصورها، وتضعضع بتلاوة سور تلك العوذ الصلاحية سورها وصُورها، فقابل العبد ذلك الفضل الخليلي مسلماً إليه وعليه، ووقف سيف ذهنه الكالّ عنده، فإنه ينفق مستجدياً، ومولانا ينفق مما أفاه الله وأفاض من سعة فضله عليه، يا أُلْفَ مولاي قد تجاسر العبد، ولكن والله مقتبساً من أنوار فضائلك، وتهجّم ولكن ملتبساً من مبارّ شمائلك، ومع هذا فعين الله على ميم منطقك، وحاء