يموت، فوُعد بذلك. ثم إن بلرلغي مات في ذلك الوقت، فقيل له: قد مات، فعزّ ذلك عليه من عدم قبول شفاعته مع ما كان يمت به من سوابق الخدم للسلطان لما كان في الكرك.
وخرج مهنا وقد طار خوفاً ورعباً، ولما اجتمع بقراسُنقر، وكانت بينهما صداقة مؤكدة قديمة، وكل منهما مستوحش، فجدّدا الأيمان والعهود على المضافرة، وأن لا يسلّم واحد منهما صاحبه. ولما توجه قراسنقر الى حلب زاره مهنا وخلا به، فأراه قراسنقر كتاباً من السلطان إليه فيه إعمال الحيلة على إمساك مهنا، فقال له مهنا: فما أنت صانع، قال: أنا أطيعه فيك وأجاهره، وهو يجعلني وكدَه ودأبه، فمَن يحميني منه إن قصدني، قال له مهنا تجيء إلينا. فتحالفا على ذلك. ثم إن مهنا وفّى لقراسُنقر لما توجه إليه - على ما مرّ في ترجمة قراسنقر وأجاره.
وأما زوجة مهنا عائشة بنت عساف، فإنها بالغت في خدمة قراسنقر، وكانت تقول لمهنا: يا مهنا، ذكر الدهر، لا تدعه. وكذلك محمد بن عيسى بن علي الأفضل بن عيسى بن مهنا أخو مهنا، فما كان رأيه إلا التقرب بإمساك قراسنقر والجماعة الى السلطان، فكانت عائشة تقول: تعساً لأم ولدت الفضل بن مهنا. وكتب مهنا الى السلطان يستعطفه ويقول: هؤلاء مماليكك ومماليك أبيك وكبار بيتكم، وقد هربوا من الموت، وسألوا أن تكفّ عنهم وتهبهم البيرة لقراسنقر، الرحبة للأفرم، وبهسنا للزردكاش، وإذا حصل مهمٌ جامعٌ للإسلام حضروا إليه وجاهدوا بين يديك، على ما مرّ في ترجمة قراسنقر.
وما اطمأنّوا، وجهّزهم مهنا الى خربندا وقال له: متى حميت هؤلاء كنت أنا في