ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله. فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قُرْقُور، فتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه، فذهبوا به، فقال: اللهمَّ! اكفنيهم بما شئت. فانكفأت بهم السفينة فغرقوا. وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله. فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: باسم الله، ربِّ الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع الناس في صعيد واحدٍ، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: باسم الله، ربِّ الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صُدْغِهِ، فوضع يده في صدغه في موضع السهم، فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، أمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، فأُتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد والله نزل بك حَذَرُك، قد آمن الناس. فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخُدَّت، وأضرم النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأحْمُوهُ فيها. أو قيل له: اقْتَحِمْ. ففعلوا، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أُمَّه! اصبري، فإنك على الحق"
وأخرجه عبد الرزاق (٩٧٥١) وفي "التفسير" (٣/ ٣٦٢ - ٣٦٤) عن مَعْمر بن راشد عن ثابت البُنَاني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى العصر همس -والهمس في قول بعضهم يحرك شفتيه كأنه يتكلم بشيء - فقيل له: يا نبي الله! إنك إذا صليت العصر همست، فقال: "إنَّ نبياً من الأنبياء كان أُعجب بأمته، فقال: من يقوم لهؤلاء؟ فأُوحي إليه: أنْ خيِّرهم بين أن انتقم منهم، أو أسلط عليهم عدوهم، فاختاروا النقمة، فسلط الله عليهم الموت، فمات منهم في يوم سبعون ألفاً"
قال: وكان إذا حدَّث بهذا الحديث حدَّث بهذا الآخر، قال: وكان ملك من الملوك، وكان لذلك الملك كاهن يتكهنُّ له، وذكر الحديث بطوله.
وأخرجه الترمذي (٣٣٤٠) وابن أبي عاصم (٢٨٩) والبزار (٢٠٩١) والطبراني (٧٣١٩) من طرق عن عبد الرزاق به.
قال الترمذي: حسن غريب"
وقال ابن كثير: وهذا السياق ليس فيه صراحة أنَّ سياق هذه القصة من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي: فيحتمل أن يكون من كلام صهيب الرومي فإنه كان عنده علم من أخبار النصارى، والله أعلم" ٤/ ٤٩٤