للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

- د -

صبح الأعشى للقلقشندى، ونهاية الأرب للنويرى-هاتان الصناعتان الوراقة والكتابة مكنتا ابن النديم من سعة الاطلاع على النمط الغريب الذى نعرفه فى كتاب الفهرست، فهو مطلع على كل ما ألف باللغة العربية في كل فن دينى أو فلسفى أو تاريخى أو أدبى، هذا الى الدقة المتناهية فى تحرى الحق فما رآه يقول قد رأيته، وما سمعه ينص على انه لم يره، ويخلى نفسه من تبعته وقد وردت عبارة فى كتاب الفهرست استنتج منها «الاستاذ فلوجل» أن ابن النديم كان فى القسطنطينية سنة ٣٧٧ وهى أنه ذكر عند الكلام «على مذاهب أهل الصين وشئ من أخبارهم» أنه لقى الراهب النجراني الوارد من بلاد الصين في سنة ٣٧٧ وكان قد مكث بها ست سنين-الى أن يقول «فلقيته بدار الروم وراء البيعة فرأيت رجلاً شاباً حسن الهيئة قليل الكلام إلا أن يسأل فسالته الخ» وقد استنتج فلوجل أن دار الروم هي القسطنطينية، وأن البيعة هي الكنيسة الكبرى التى صارت فيما بعد مسجد أياصوفيا، وهو استنتاج غير صحيح لم يوافقه عليه المستشرقون واستظهروا أن المراد بدار الروم محلة كان يسكنها الروم فى بغداد، وبالبيعة بيعة لهم هناك كما سمى المصريون حارة من حارات القاهرة بحارة الروم، والدليل على هذا أنه يقول ان الجاثليق الكبير ارسل هذا الراهب الى الصين ثم عاد بعد ست سنين، فالظاهر أن الجاثليق جاثليق بغداد، وأنه عاد أى الى بغداد، وان المقابلة كانت بها لا بالقسطنطينية والحق أن كتاب الفهرست ذخيرة لا تقدر غرضه أن يحصى جميع الكتب العربية المنقولة من الامم المختلفة والمؤلفة فى جميع أنواع العلوم ويصفها ويبين مترجميها أو مؤلفيها، ويذكر طرفا من تاريخ حياتهم ويعين تاريخ وفاتهم فكان الكتاب على هذا النمط أجمع كتاب لإحصاء ما ألف الناس الى آخر القرن الرابع الهجرى وأشمل وثيقة تبين ما وصل اليه المسلمون فى حياتهم العقلية والعلمية في ذلك العصر وأكثر هذه الكتب التى وصفها قد ضاعت بتوالى