رواته ويقظتهم، وما عداه يكتفي في رواته بتعديل إمام مشهور عرفت صحة مذهبه جرحا وتعديلا، ولا إلى ضبط جميع مواضع الإجماع والاختلاف، بل يكفي معرفته بعدم مخالفة قوله الإجماع لموافقته بتقدم عليه أو غلبة ظن بتوليها في عصره، وكذا في معرفة الناسخ والمنسوخ، انتهى.
وقال في "شرح الروض" للقاضي زكريا -لما ذكر أن من شروط القاضي أن يكون مجتهدا- قال: والمجتهد من علم ما يتعلق بالأحكام من الكتاب والسنة، وعرف منها العام والخاص، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، والنص والظاهر، والناسخ والمنسوخ، والمتواتر والآحاد، والمرسل والمتصل، وعدالة الرواة وجرحهم، وأقاويل الصحابة -رضي الله عنهم- فمن بعدهم ... إلى أن قال: ولا يشترط التبحر في هذه العلوم، بل يكفي معرفة جمل منها، وأن يكون له في كتب الحديث أصل صحيح يجمع أحاديث الأحكام -كسنن أبي داود- فيعرف كل باب، فيراجعه إذا احتاج إلى العمل به.
ويكتفي في البحث عن الآحاد بما قبله منها السلف وتواترت أهلية رواته من العدل والضبط، وما عداه يكتفي في أهلية رواته بتأهل إمام مشهور عرفت صحة مذهبه في الجرح والتعديل.
ثم اجتماع هذه العلوم إنما يشترط في المجتهد المطلق الذي يفتي في جميع أبواب الشرع، ويجوز أن يتبعض الاجتهاد، بأن يكون العالم مجتهدا في باب دون باب، فيكفيه علم ما يتعلق بالباب الذي يجتهد فيه. انتهى كلام القاضي.
فتبين -بما ذكرناه من النقول- جواز الاعتماد على نقل الأحاديث من الكتب المصححة، وكذلك التقليد لأهل الجرح والتعديل في تصحيح الحديث أو تضعيفه، والله -سبحانه- أعلم.