وأغراضهم الفاسدة، لا سيما أخصهم لديك، وأحبهم إليك، فإنه كما قيل: المَسُّ مَسُّ أرنب، والطبع طبع ثعلب. وقد اتهم بالسعي فيما يقوي عضد المشركين، ويوهن عزم الموحدين، وإلى الله المصير، وهو الحَكَم بيننا وبين مَن أعان على هدم الإسلام من صغير وكبير، مأمور وأمير.
وأيضا فأهل الإحساء قد اشتهر حالهم، وأنهم ألقوا السلم إلى عساكر الدولة واختاروا ولايتهم، وصرحوا بطاعتهم، ونصروهم بالقول وعاملوهم معاملة الأخ مع أخيه، بل جاءت خطوط التجار المترفين أولي النعمة بتزكيتهم والثناء عليهم، وانتصب ولدك لخدمتهم وقضاء حوائجهم، ولم يظهر لي منك قيام بحق الله عند هذه الدواهي العظام، التي تمانع الإيمان والقرآن والإسلام، وتنثر منه عقد النظام، والله أعلم بسرك، وهو الرقيب عليك، لكني أحكي ما ظهر لي منك ذاك الوقت.
وقد أظهر أثر ما ذكرنا، وعقوبة ما إليه أشرنا، بإقبالك واشتغالك بحبالة الشيطان (رسالة ابن عجلان) فطرتَ بها طيران من لا يلوي على أهل ولا صاحب، كأنها العهد الرباني والوصية النبوية، واشتغلت بقراءتها وسماعها مع جماعة من العوام والصبيان؛ وتلك الرسالة دهليز يفضي إلى استباحة موالاة المشركين، والاستنصار بهم على المسلمين، والحكم على أهل عصر شيخ الإسلام ابن تيمية من أهل مصر والشام بالشرك والمكفرات، وفيها: أن جَلْب عُبَّاد الأصنام إلى بلاد الإسلام والاستعانة بهم على مَن خرج عن الطاعة ليس بذنب، ولولا أن حجاب الجهل والهوى أكثف الحجب وأغلظها لتبين شناعةُ ما فيها للناظرين من أول وهلة وبمجرد الفطرة (شعر):
أكل امرئ تحسبن امرأ ... ونارٍ توقَّد في الليل نارا