وقال أبو الوليد الطرطوشي في رسالته إلى ابن المظفر: فأما ما ذكرت من أبي حامد فقد رأيته، وكلمته، ورأيته جليلا من أهل العلم، واجتمع فيه العقل، والفهم، ومارس العلوم طول عمره، وكان على ذلك معظم زمانه، ثم بدا له عن طريقة العلماء، ودخل في غمار العمال، ثم تصوف، وهجر العلوم وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب القلوب، ووساوس الشيطان، ثم شابها بآراء الفلاسفة، ورموز الحلاج، وجعل يطعن على الفقهاء والمتكلمين. ولقد كاد أن ينسلخ من الدين، فلما عمل الإحياء عمد أن يتكلم في علوم الأحوال ومرامز الصوفية، وكان غير أنيس بها، ولا خبير بمعرفتها، فسقط على أم رأسه، وشحن كتابه بالموضوعات.
قال الذهبي بعد أن ساق كلام ابن الوليد الطرطوشي: قلت: أما الإحياء ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طريق الحكماء ومنحرف الصوفية، نسأل الله علما نافعا، تدري ما العلم النافع؟ هو ما نزل به القرآن، وفسره الرسول -صلى الله عليه وسلم- قولا وفعلا، ولم يأت نهي عنه، قال عليه السلام:"من رغب عن سنتي فليس مني"١. فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله، وبإدمان النظر في الصحيحين، وسنن النسائي، ورياض النووي، وأذكاره تفلح وتنجح، وإياك وآراء عباد الفلاسفة، ووظائف أهل الرياضات، وجوع الرهبان، وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات، فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة، فواغوثاه بالله! اللهم اهدنا الصراط المستقيم. انتهى.
[ملخص حال الغزالي]
ولمحمد بن علي المازني الصقيلي كلام على الإحياء قال فيه: قد تكررت مكاتبتكم في استعلام مذهبنا في الكتاب المترجم بإحياء علوم الدين، وذكرتم