للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض المتكلمين والمتفقهة يجعل المخطئ فيها آثما، وبعض المتفقهة يعتقد أن كل مجتهد فيها مصيب. فهذان القولان شاذان، والإجماع منعقد على أن من بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يؤمن بها فهو كافر ولا يقبل منه الاعتذار بالاجتهاد لظهور أدلة الرسالة وأعلام النبوة، والنصوص إنما أوجبت رفع المؤاخذة بالخطأ لهذه الأمة.

وإذا كان كذلك فأصول الإيمان تقتضي وجوب الإيمان بالواجبات الظاهرة المتواترة وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة، والجاحد لها كافر، بالاتفاق، مع أن المجتهد في بعضها إذا أخطأ ليس بكافر بالاتفاق، مع أن كثيرا من أهل البدع يوجد فيهم النفاق الأكبر والردة عن الإسلام. فما أكثر ما يوجد في الرافضة والجهمية ونحوهم زنادقة منافقون، فأولئك في الدرك الأسفل من النار.

وأصل هؤلاء الإعراض عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة، وابتغاء الهدى من غيرهما. فمن كان هذا أصله فهو بعيد عن الخير ١ والرسالة إنما هي للعامة دون الخاصة، كما يقوله قوم من المتفلسفة والمتكلمة والمتصوفة.

وأكثر السلف يرون قتل الداعية إلى البدعة لما يجري على يديه من الفساد في الدين، سواء قالوا أنه كافر أو ليس بكافر، وذلك لأن الدعاء إلى المقالة التي تخالف الكتاب والسنة أعظم من قولها، وإثابة قائلها وعقوبة تاركها أعظم من مجرد الدعوة إليها، فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه بأنه مع


١ كذا في الأصل، ولعل فيه تقديما وتأخيرا من الناسخ والظاهر الذي يلتئم به الكلام أن يقدم قوله: والرسالة إنما هي للعامة إلخ على قوله: فمن كان هذا أصله إلخ؛ لأن الذين أعرضوا عما جاء به الرسول مع الاعتراف برسالته هم الذين يزعمون أن رسالته مقصورة على العوام، وأن أمثالهم لا يحتاجون إليها؛ لأن ما عندهم من العلم والفلسفة أعلى وأرقى وهو علم الخواص. كذبوا ولعنوا. وكتبه محمد رشيد رضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>