للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جملة، ولا نخص شخصا بلعنة.

يبين ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن شارب الخمر جملة، ولما جلد رجلا قد شرب الخمر، قال رجل -من القوم-: اللهم العنه، ما أكثر ما يُؤْتَى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله"١.

فصل

[في إقرار العلماء لبدع القبور والموالد]

وأما قوله: "ومنها أن كثيرا من العلماء الكبار فعلوا هذا الأمر، وَفُعِلَتْ بحضرتهم ولم ينكروا. من ذلك تتابعهم على بناء القباب على القبور، واتخاذها أعيادا في الغالب، فلكل شيخ يوم معروف في شهر معلوم، يؤتى إليه من النواحي، وقد يحضر بعض العلماء ولا ينكر".

"فالجواب" من وجوه: "الوجه الأول" أن يقال: قد افترض الله على العلماء طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وأخبر أن من أطاعه فقد أطاع الله، فقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ٢ وقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} ٣ وقال: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} ٤ وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ٥ وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} ٦.

فإذا اختلف الناس في شيء من أمور الدين، هل هو واجب أو محرم، أو جائز؟ وجب رد ما وقع فيه النزاع والاختلاف إلى الله والرسول، ويجب على المؤمن إذا دُعِيَ إلى ذلك أن يقول: سَمْعًا وطاعة، قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} ٧.

فنحن نحاكم مَن نازَعنا في هذه المسألة وغيرها من المسائل إلى الله والرسول، لا إلى أقوال الرجال وآرائهم.


١ البخاري: الحدود "٦٧٨٠".
٢ سورة النساء آية: ٨٠.
٣ سورة آل عمران آية: ٣١.
٤ سورة النور آية: ٥٤.
٥ سورة الحشر آية: ٧.
٦ سورة النساء آية: ٥٩.
٧ سورة النور آية: ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>